تعيش الجالية المسلمة في بلجيكا أياما صعبة، بعد قرار سلطات إقليمي الفلاماند والوالون منع نحر أضاحي العيد على "الطريقة الإسلامية". واشترطت لأجل ذلك "تدويخ" الأضاحي، في سابقة هي الأولى من نوعها بهذا البلد الذي يعيش فيه نحو 600 ألف مسلم، ما جعل هذه الجالية تشعر بالظلم والحيف، خاصة وأنه لم يؤخذ برأيها في موضوع في غاية الأهمية بالنسبة لها. سيكون لعيد الأضحى في بلجيكا، وخاصة في إقليمي الفلاماند والوالون طعما مخالفا لما عهده المسلمون في هذا البلد، جراء القرار الذي فرضته السلطات فيهما والقاضي ب"تدويخ" الأضحية قبل ذبحها وذلك بصعقها على مستوى الرأس، وهو ما يرفضه المسلمون، لأن هذه الطريقة لا تتماشى مع عقيدتهم. ولم يعد أمام هذه الجالية هامشا كبيرا للتفاوض، أولا لضيق الوقت بحكم اقتراب موعد العيد، وثانيا نظرا لحسم المجلس الأعلى للقضاء في القرار، وفق ما تمليه القوانين الأوروبية بهذا الخصوص، حسب ما ورد في وسائل إعلام محلية. وحول المبررات التي قدمها المسؤولون البلجيكيون لتبرير هذا القرار، قال خالد حاجي، الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة في تصريح لفرانس24، إنهم استندوا إلى القوانين الأوروبية التي تحظر "تعذيب الحيوانات"، مستدركا "لكن بلجيكا تعترف بالجالية المسلمة كمكون للمجتمع وكان من المفروض احترام شعائرها الدينية، باعتبار أن القانون الأوروبي يتضمن استثناءات بهذا الخصوص". استياء وسط الجالية المسلمة يسود جو مشحون وسط الجالية المسلمة في بلجيكا نتيجة هذا القرار، وتعددت الدعوات المطالبة بمقاطعة العيد وعدم ذبح الأضاحي في المناطق التي سمح بها، وتحديدا تلك المحسوبة على إقليمبروكسل، لاسيما وأن هذه الجالية يعتريها شعور بالظلم والحيف بسبب ذلك، وهذا تضامنا مع مسلمي الفلاماند والوالون. ولا يخفي الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة خالد حاجي أن دعوات مقاطعة العيد تتزايد وتتوسع، ودخلت الكثير من الجمعيات المدنية والدينية على الخط في إقليمبروكسل الذي أعلن على خلاف إقليمي الفلاماند والوالون موافقته "المؤقتة" على ذبح الأضاحي دون "تدويخها"، وخصصت لهذه الغاية ثلاثة مسالخ، اعتبرها حاجي غير كافية. وبدأت صورة المتضررين من هذا القرار تتوضح أكثر مع اقتراب العيد، وفي مقدمتهم مربو الماشية الذين أبدوا قلقا كبيرا حول مصيرهم، علما أن بعض الأرقام تتحدث عن ذبح نحو 10 آلاف رأس في منطقة الوالون لوحدها في العام الماضي، كما أن المسالخ ستضرر أيضا. وأكبر مستفيد من الوضعية الجمعيات الخيرية، خاصة تلك التي تقدم نفسها بكونها "تعمل وفق مبادئ الإسلام"، كما هو شأن المنظمة غير الحكومية "أمة شاريتي"، والتي تقاطرت عليها الهبات من قبل المقاطعين للعيد. تعاطي مسؤولو الجالية المسملة مع القرار أوضح حاجي أن رد الفعل الشرعي للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، والذي جاء به فرعه في بلجيكا وتبناه المجلس كله، أوصى مسلمي هذا البلد بالذبح لمن تأتى له ذلك، فيما شدد، يضيف حاجي، على العمل وقف "القرار المشترك الذي قد تتوصل له السلطات بالمشاركة مع مسؤولي الجالية المسلمة". وأكد حاجي أن قرار "التدويخ" قبل الذبح اتخذ بإشراك شكلي للمسؤولين عن الجالية المسلمة، موضحا أنه "تم استشارتهم فقط لأجل الاستشارة دون الأخذ برأيهم". وترفض الجالية المسلمة، يستطرد حاجي، "تسييس الموضوع لأنه يهم المسلمين في بلجيكا عامة، ولم تظهر أي تجاذبات سياسية بخصوصه" يقول محاورنا. ولم يثر الموضوع نقاشا كبيرا في الأوساط السياسية والإعلامية البلجيكية، حسب حاجي، معتبرا أن الموضوع يكتسي حساسية كبيرة وفضلت هذه الأوساط التزام نوع من الصمت تجاهه، في الوقت الذي تلتزم فيه "الجالية المسلمة بالحكمة"، لكنه لفت إلى أن هذا القرار "سيكون له ما بعده". ويعيش في بلجيكا أكثر من 600 ألف مسلم معظمهم من المغرب وتركيا في بلد يقدر عدد سكانه بحوالي 12 مليون نمسة الغلاء ونقص المسالخ يغضب مسلمي فرنسا في جنوبفرنسا أطلقت دعوات مماثلة لمقاطعة العيد كذلك احتجاجا على غلاء الأضاحي مع اقتراب عيد الأضحى حيث تضاعفت أسعارها مقارنة مع باقي شهور السنة بالإضافة إلى غياب المسالخ. وطالبت مجموعة من الجمعيات في مدينة بربينيون (جنوبفرنسا) مثلا بإنشاء مسالخ متنقلة. كما دعت أصوات أخرى إلى تخصيص المبالغ المخصصة للعيد من طرف الأسر للاجئين السوريين، وكان أهم هذه الدعوات تلك التي جاءت على لسان عبد الله زكري رئيس المركز الفرنسي المناهض للإسلاموفوبيا التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.