ملاحظات أولية لعل كل المتتبعين لنتائج الاستحقاقات الأخيرة ليوم 4 شتنبر، أكدوا على أهمية هذا اليوم في تاريخ المغرب، واعتبروا أن المغرب بدأ يخطو خطواته الأولى في درب المسار الديمقراطي الهادئ والمتزن والمتميز حتى. ولا شك في أن التجربة المغربية اليوم تعد واحدة من التجارب على -صعيد العالم العربي والاسلامي-، التي تستحق كل المتابعة والبحث والاستكشاف. لأنها على الأقل، صمدت في وجه الكثير من التحديات والصعوبات التي واجهتها العديد من دول المنطقة. و اليوم بعد هذه المحطة الانتخابية الأخيرة، يمكن للمتتبع أن يخلص إلى مجموعة من الملاحظات الأولية، نوردها على الشكل التالي: أولا: نتائج التصويت تفند مجموعة من التكهنات لا نبالغ إذا قلنا أن العديد من المتتبعين والمهتمين، بل حتى المواطنين العاديين، كانوا يعتقدون أن حزب العدالة والتنمية لن يستطيع أن يتبوأ المقاعد الأولى على صعيد المدن الكبرى وجهات المملكة، لأن كل المؤشرات كانت تتجه في خانة أن يكون هناك عزوف انتخابي والذي لن يستفيد منه إلا سماسرة الانتخابات، بينما الكتلة الناخبة الواعية والتي تنتمي للفئات المتوسطة والتي تسكن في المدن الكبرى، والتي أعطت صوتها لحزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات التشريعية السابقة (2011)، لن تصوت أو إذا صوتت ستكون لصالح أحزاب أخرى، أو ستكون في خانة اللوائح الملغاة (بالمناسبة ستظهر النتائج التفصيلية مدى وجود هذا المؤشر). إلا أن كل هذه التوقعات توارت للخلف، لتبرز النتائج المفاجئة لكل المتتبعين وحتى لقيادات ومجموع أعضاء ومتعاطفي حزب العدالة والتنمية. ومن بين المؤشرات التي جعلت جل المتتبعين يتكهنون بكون الحزب سيحقق نتائج معتبرة، لكن ليس بهذا الحجم، هو برودة الحملة الانتخابية، والتي مرت في أجواء جد عادية وليس فيها زخم سياسي كبير، اللهم ما قام به الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، السيد عبد الإله بن كيران من حضور وازن في مجموعة من التجمعات الخطابية الضخمة، والتي تميزت بحضور خطاب سياسي وكاريزما شخصية الزعيم السياسي الذي يحسن التواصل مع المغاربة بشكل رهيب يتفوق حتى على أعتى وسائل الاعلام المسخرة ضده وضد حزبه. قلت إذا استثنينا هذه اللحظات الانتخابية، فإن بعض المعطيات كانت تؤكد أن المواطنين فقدوا الثقة في الأحزاب السياسية بل حتى في حزب العدالة والتنمية، نظرا لأن تجربته الأولية في الحكم لم تستطع أن تقنع العديد منهم، بأن هناك تغيرات مهمة تحصل في البلد، وأن "دار لقمان لازالت على حالها". بل أقصى ما كان يقوله بعض المواطنين، هو أن هذا الحزب (العدالة والتنمية)، هو حزب نظيف ومعقول وله كفاءات ومنظم وديمقراطي، لكنه لن يستطيع أن يحدث التغيرات الكبرى في المشهد النسق السياسي المغربي المتميز بخاصية التحكم، وما أدراك ما التحكم السلطوي؟. ولهذا فقد كان العديد من هؤلاء المواطنين، ينظرون إلى العملية الانتخابية، بكونها مسرحية بئيسة الاخراج. وبالتالي، فالتصويت من عدمه ليس له تأثير. وبعد مجموعة من السيناريوهات والتكهنات لنتائج الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية، تأتي النتائج لتؤكد بعضها وتكذب البعض الأخر. فكون حزب العدالة والتنمية يحصل على هذه النتائج المستحقة والمميزة والمتميزة في مجموعة من المناطق، يدل على سقوط مجموعة من التحليلات التي حاول الاعلام وبعض الباحثين -مع كل أسف- أن يروجها، وأنه سيكون هناك تصويت عقابي ضد الحزب. لكن تبين أن التصويت العقابي طال الأحزاب الأخرى، منها حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. من جهة ثانية لا ننسى أن هذه الانتخابات جرت في جو من الإنزال المكثف للمال الحرام وشراء الاصوات واستعمال كافة الوسائل لاستمالة الاصوات -ربما بشكل اكبر من الاستحقاقات الانتخابية السابقة- ولهذا فحصول حزب العدالة والتنمية على هذه النتائج رغم هذا المعطى يدل على الثقة الكبيرة التي لا زال يحتفظ بها وسط العديد من الفئات والشرائح الاجتماعية. بدليل أن العديد من اللقاءات التي كانت تجمعني مع أصدقاء وزملاء، غير منتمين لهذا الحزب، أسرورا لي أنهم صوتوا لصالح حزب العدالة والتنمية (بجهة الرباطسلا والقنيطرة)، ليس لأن الحزب قدم لهم شيئا ولكن لانه حزب معقول (honnête) وهذا يؤشر على منسوب الثقة التي لا زال الحزب يتمتع بها. أما كون حزب الاصالة والمعاصرة يحافظ على نفس النتائج أو بأقل مما حصل عليه في انتخابات 2009، فهذا دليل على ان الحزب لا زال يراوح مكانه، وأنه في المدن الكبرى لم يحظ بثقة الناخب المغربي، وأن مبادراته لا تستجيب لفئات عريضة من المجتمع. اللهم إذا استثنينا الوجود المكثف في القرى والبوادي المغربية، وبعض أحزمة المدن الفقيرة و الهشة. وهنا يطرح السؤال: هل الفئة الناخبة لهذا الحزب تتميز بمواصفات سوسيولوجية معينة، والتي تجد في المشروع المجتمعي لهذا الحزب جوابها، أم أن ذلك لا يعدو أن يكون تصويتا مصطنعا ومفبركا (Dopage)، وبالتالي لا يعكس حقيقة النتائج التي أحرز عليها هذا الحزب. من جهة أخرى، يبقى أن احتفاظ حزب الاستقلال على مجموعة من المواقع –خصوصا في الأقاليم الصحراوية- يبين مدى القدرة الانتخابية لهذا الحزب القائمة على مجموعة من المميزات التي تعود إلى إرث تقليدي، قبلي وولاء وعصبي، يقوده الاعيان الكلاسيكيون في مجموع هذه المناطق. ثانيا ماهي الدلالات التي يمكن استخلاصها من هذه المحطة الانتخابية؟ بداية أعتقد أن كل القراءات التي حاولت أن تفسر هذه النتائج، باختزالها في لغة الأرقام،-وهو ما حاول القيام به بعض زعماء الأحزاب السياسية "الكبرى"-، يخطئ في تقدير الابعاد السياسية الكبرى لهذه النتائج. إذ الحاصل أن أي قراءة إلا ويجب أن تنظر في مآلات الأمور وليس إلى بعض المعطيات الرقمية التي تقول بعض الأشياء وتسكت عن أخرى. ولعل من بين المسكوت عنه، هو أننا عشنا لحظة تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. ويمكن التذليل على ذلك في العناصر التالية: 1-بداية حصول قطيعة بين التدبير الانتخابي المخزني والتدبير الديمقراطي: أول معطى وجب الانتباه إليه في العملية الانتخابية، هو الاعداد السياسي لها، فهذه الاستحقاقات –لأول مرة في تاريخ المغرب- يشرف عليها رئيس الحكومة، من خلال لجنة مكونة من وزارة الداخلية والعدل والحريات، وهذا في نظري مؤشر مهم على تحول في تعاطي الدولة المغربية مع الاستحقاقات، إذ ساهم هذا القرار في ضمان حيادية الدولة أمام جميع الأحزاب السياسية. بل حتى التخوف الذي كان يطرحه حزب العدالة والتنمية من وجود تحيز للسلطة لصالح حزب سياسي معين، تبدد بتولي اللجنة الحكومية تدبير الانتخابات. وهذا يعني أننا في المغرب، بدأنا نحدث القطائع المطلوبة في اتجاه فرز مؤسسات قوية وتعبر عن إرادة المواطنين. هذا على الرغم من تسجيل مجموعة من الملاحظات هنا وهناك، والتي لا تؤثر في النتائج النهائية بشكل كبير، وهي طبيعية في تجربة ديمقراطية ناشئة. 2- وجود تحول في وعي المجتمع المغربي، وخصوصا في فئاته المتوسطة والحضرية والمتعلمة والشابة وبشكل خاص فئة النساء. حيث شكلت هذه الكتلة الحرجة، عنصر قوة حزب العدالة و التنمية، بتصويتها لصالحه. ما ذا يعني ذلك سوسيولوجيا؟ في اعتقادي أننا اليوم أمام تحول جذري في علاقة الفئات المتوسطة المتميزة بالخصائص السابقة بالمشهد السياسي العام، فبعدما كانت هذه الفئات لا تهتم بالحياة السياسية ولا بما يدور في فلكها ولا بخطابات الزعماء السياسيين، نجدها اليوم تساهم بشكل أو بأخر في هذه الحياة السياسية، إذ ارتفع منسوب الوعي السياسي بشكل ملفت للنظر، وبشكل غاب عن تفسير العديد من الباحثين في العلوم الاجتماعية. ويرجع هذا التحول إلى مرحلة ما قبل الربيع المغربي، ممثلا في حركة 20 فبراير، والتي ساهمت في إنضاج الوعي السياسي والفكري عند مجموعة من الفئات وعلى رأسها الفئة الشابة. فبعدما كنا نعتقد أن هذه الفئة ليست لها اهتمامات سياسية بالمعنى العام، -وليس بالمعنى الضيق الذي يربطه البعض في الانخراط في الاحزاب السياسية-، بدليل المشاركة القوية عبر شبكات التواصل الاجتماعي في التعبير عن مجموعة من القناعات السياسية في القضايا المجتمعية الحيوية والحرجة. وقد ساهم في ارتفاع منسوب هذا الوعي الاعلام ومختلف الوسائط التكنولوجية المتعددة و المتنوعة والتي صبت في تمكين جزء من هذه الفئات لسلطة معنوية ورمزية. وقد سبق أن تحدث العديد من المفكرين والمنظرين عن دلالات تحول السلطة عبر وسائل الاعلام في المجتمع كالباحثين (كاستلز وألفن توفلر وغيرهم كثير). واليوم نجد هذه التنشئة السياسية والفكرية –والتي لم تقم بها الأحزاب الساسية، بما فيها حزب العدالة والتنمية-، بل جاءت نتيجة هذا التحول في امتلاك السلطة المعرفية والاعلامية وتحويلها لصالح حزب العدالة والتنمية، والذي يبدو أنه استفاد من هذه العوائد بشكل يفوق المتوقع. وعندما نصل إلى هذه النتيجة، فإننا نحيل القراء والمتتبعين على مؤشرات، من بينها أن حزب العدالة والتنمية لا يستطيع أن يستوعب كل هذه الطاقات والفئات والكوادر نظرا لقصور في حكامته التدبيرية ونظرا لوجود عوائق إديولوجية تمنعه من استيعاب هذا الخليط من الشباب والمثقفين والنخب داخل صفوفه. لكنه (أي الحزب) يستفيد من أصواتها لأنه يعبر عن تطلعات هذه الفئات ولكونه يشكل أقوى الأحزاب في المغرب، في ظل تراجع وترهل بقية المنافسين له في الحياة السياسية. 3- تخليق الحياة السياسية وإطلاق دورة جديدة للنخب: لا يمكن أن تقفز عن معطى جد هام ونحن نحلل تصويت المواطنين لصالح حزب العدالة والتنمية، فالحاصل أن هناك وعيا لا يفتأ يتزايد بأهمية تخليق الحياة السياسية وعبرها المرفق العام، الذي يحتاجه المواطن المغربي. وقد التفت المواطن المغربي، إلى حزب العدالة والتنمية في السنوات الاخيرة، وفي تجربته الحالية في تدبير شؤون الدولة، إلى أهمية هذا المعطى. لأنه محدد في نهاية المطاف، في من سيتولى أمور التدبير في المدن وفي الجهات. ولحد الساعة لم يثبت أن الحزب ولا مسؤوليه، قد تورطوا في المال العام، بل أكثر من ذلك، فإن الحزب يزهد حتى في الحقوق المخولة له بشكل قانوني (تفضيل السكن الأصلي لرئيس الحكومة بدل الانتقال إلى السكن الفخم الحكمومي)، مما أضفى نهكة خاصة على الحياة السياسية، وأحس المواطن أن هناك فرق بين الاحزاب، وأن التخليق يبدأ بالمواقع الملموسة وليس بالخطب الرنانة والتشدق بالكلمات المعسولة والديماغوجية. ولا نشك مطلقا أن نظافة اليد هذه شكلت محفزا كبيرا للمواطنين للتصويت على هذا الحزب. ذات مرة كنا في نقاش علمي وأكادييمي حول التجربة السياسية المغربية، وسجلنا مجموعة من الهفوات على تدبير الحكومة الحالية في مجموعة من الملفات خصوصا التي لها تأثير مباشر على معيشة المواطن (كالزيادة في أسعار الماء والكهرباء، والتحرير الجزئي للدعم، وإصلاح صناديق التقاعد وغيرها)، فتدخل أحد المشاركين في الندوة، وقال مهما قلنا عن هذه التجربة ومهما اختلفنا مع الحزب في مجموعة من القرارات، إلا أن هناك شيئا واحدا يشفع لهم وهو أنهم حزب نظيف ولا يمد يده للمال العام. وهذا مؤشر قوي لم تستطع مجموعة من الأحزاب السياسية التي تداولت على السلطة من الاستقلال إلى الآن أن تحققه في سلوكها السياسي والاخلاقي. 4- تأثيرات المحيط الاقليمي العربي تحديدا على سلوك المواطن للتصويت لحزب العدالة والتنمية: لا يمكننا التغاضي مطلقا عن كون هذا المعطى شكل بشكل أو بآخر، عنصرا مساهما في حفز مجموعة من المواطنين للتصويت لصالح العدالة والتنمية، فكيف يمكن فهم ذلك؟ إن المتأمل في طبيعة المغربي وفي سلوكياته، يجده من بين الشعوب التي لا تميل إلى المغامرة بشتى أنواعها، ولعل الدراسات السوسيولوجية التي توصل فيها العديد من الباحثين الأجانب (ريمي لوفو وواتر بوري وديل إكلمان) تبين أن المغاربة مروا بظروف جد مأساوية في تاريخهم جراء التحكم في السلطة من طرف الملك الحسن الثاني (مرحلة الاستثناء، وسنوات الرصاص) لكنهم لم يثوروا ولم يخرجوا على السلطة، لأنهم شعب لهم يميل إلى الاستقرار ولا يحب المغامرة. واليوم وبعد وقوع العديد من الرجات والتموجات في الوطن العربي، وبعد حراك مغربي له ما له وعيله ما عليه، اختار المغاربة طريق التغيير في ظل الاستقرار. وقد استطاع حزب العدالة والتنمية أن يجسد هذا الخيار في مواقفه وسلوكه وخطابه السياسي، مما دفع بالمواطنين للتصويت عليه، ليس لأنه قدم البديل في المغرب، أو لأنه ساهم في تحقيق التنمية المعطوبة بالمملكة، ولكن لأنه استطاع أن يجنب المغرب مطبات التغيير الجذري والراديكالي، واختار بمعية الفاعل الرسمي، سياسية التدرج في الاصلاح. قد يعترض البعض على هذه القراءة، وقد يقول البعض الآخر، أنها تصلح لكي تفسر سلوك الناخبين في الاستحقاقات التشريعية، وقد تكون سالحة في مرحلة 2011، أما اليوم، فإن الواقع يبدو مغايرا لما ذهب إليه تحليلكم؟ أقول أن هذا الاعتراض وجيه، لكنه لا يمكن بحال من الأحوال، أن نشطبه من ذهننا ونحن نحلل سلوك المواطن المغربي، والذي يتأثر بما يسمع ويرى من ويلات في المنطقة العربية ومن فوضى وفوضى مضادة وتنازع حول اقتسام السلطة. لهذا فالسلوك الانتخابي، يعبر في نهاية المطاف عن جواب عن بعض الأزمات التي يمر بها المجتمع، أو آمال تختلجه وعن طموحاته تنتابه، وعن مخاوف على مستقبله ومستقبل أبنائه، وبالتالي يحدد مواقفه اتجاه كل ذلك وقد كانت لحظة التصويت تعبير قوي –في اعتقادنا- عن هذه الأمور كلها. ثالثا: آفاق التساؤل والنقد والاستشراف وجب الانتباه إلا أننا لا ندعي أننا قدمنا تحليلا شافيا لفهم خبايا التصويت في الاستحقاقات الاخيرة، ولا نعتقد أننا قدما كل العناصر، بل إننا ساهمنا بجانب العديد من الباحثين الذين قدموا مجموعة من القراءات المعتبرة لهذه المحطة. بيد أن الذي يهمنا في محصلة التحليل، هو أن الحقل السياسيي المغربي، بدأ يعرف مجموعة من الافرازات الجديدة والتي تستحق منا مزيد من تعميق النقاش، وعلى رأسها طبيعة التشكيلة السياسية التي ستدبر المدن والجهات، والتي لن تخرج عن الاحزاب الثمانية الأولى، والتي تتخندق إما في المعارضة أو التحالف الحكومي. وبالتالي فمجموعة من الاحزاب الصغرى والتي لم تحقق نتائج معتبرة في هذه الاستحقاقات عليها أن تراجع أوراقها في اتجاه التفكير في الانضمام إلى التكتلات الكبرى. من جهة أخرى، نود ان نطرح السؤال المستفز: كيف سيتموقع حزب الأصالة والمعاصرة بعد هذه الرجة الانتخابية؟ هل يعني أنها بداية العد العكسي لأفول نظرية التحكم؟ أم على العكس من ذلك، سنشهد تطورات جديدة في العلاقة هذا الحزب بالدولة المخزنية وببقية الأطراف السياسية؟ بالموازاة مع ذلك، يظهر أن هذا الفرز لا يقف عند المشهد السياسي فحسب، بل إنه يطال المشاريع المجتمعية بشكل عام. فهل يعني حصول حزب العدالة والتنمية على الرقم الأول من حيث عدد الأصوات ( مليون و500 ألف صوت) أن شرائح كبيرة من المجتمع، تتماهى مع هذا المشروع المجتمعي، الذي لا زالت عليه العديد من الأسئلة خصوصا في علاقة السياسي بالديني وطبيعة النموذج التنموي الذي يروجه هذا الحزب في أدبياته وفي مواقفه؟ أم أن الأمر يتعلق فقط بتصويت براغماتي لا علاقة له بالأيديولوجيا وبالمشروع المجتمعي؟ على العموم، فإن هذه الاسئلة تبقى مشروعة في ظل استشراف الآفاق المستقبلية لهذا الحزب، خصوصا ونحن مقبلون على محطة انتخابية بعد أكثر من سنة، ويتعلق الأمر بالاستحقاقات التشريعية البرلمانية، والتي ستمكننا من استكمال قراءة أكثر وضوحا للمشهد السياسي المغربي، وللتجربة الديمقراطية الناشئة في المنطقة. ختاما مهما تكن النتائج فإن الذي يستحق الانتباه إليه في هذه المرحلة، هو أن المغرب يخطو خطوات حثيثة نحو ترسيخ مساره الديمقراطي، وأنه -رغم الكثير من الصعوبات والعراقيل والتحفظات- فإن ذلك لم يؤثر في المسار العام لهذه التجربة العربية والاسلامية الوليدة والتي تستحق كل عناية ودراسة وتأمل ونقاش. هنيئا للمغرب والمغاربة وهنيئا لمن حظي بثقة الشعب ونتمنى أن يكون غدنا أفضل من يومنا ومن أمسنا.