أكدت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، السيدة مباركة بوعيدة، اليوم الأربعاء ببيروت، أن "توجه المغرب نحو بناء فضاء مندمج مع الاتحاد الأوروبي يهدف إلى خلق تعاون جنوب – جنوب" وقالت السيدة بوعيدة في كلمة خلال افتتاح المؤتمر الوزاري حول "مراجعة سياسة الجوار الأوروبية"، الذي يجمع الدول العربية الشريكة في سياسة الجوار الأوروبية ومسؤولين في الاتحاد الأوروبي، إن هذا التكامل والتعاون جنوب جنوب الذي ينهجه المغرب يتجلى من خلال اتحاد المغرب العربي أو في مبادرة أكادير أو أيضا عبر سياسات المملكة اتجاه إفريقيا وغيرها من المبادرات. وأضافت أن توجه المغرب هذا ينسجم أيضا مع توجه الاتحاد الأوروبي في اعتماد "جوار الجوار" كمكون في سياسة الجوار الجديدة من خلال إقامة تعاون ثلاثي مع المناطق والدول القريبة من الجوار، والتي تشكل أهمية بالغة بالنسبة للمنطقة الأورو-متوسطية. وأبرزت السيدة بوعيدة خلال المؤتمر، الذي يأتي بعد اللقاء الأول الذي انعقد ببرشلونة في 13 أبريل المنصرم، لمراجعة سياسة الجوار الأوروبية والذي عرف تقديم مبادرة في صيغة ورقة عربية مشتركة، أن المغرب يسعى إلى الدفع بعلاقاته مع الاتحاد الأوروبي نحو أعلى درجة من التعاون والاندماج، تتجاوز الشراكة العادية إلى أفق من الاندماج في السياسات والمشاريع المنفتحة، يشمل فضاء اقتصاديا مشتركا وفضاء للقيم المشتركة وفضاء للأمن وفضاء للمعارف المشتركة. وأبرزت أن بلوغ هذا الاندماج، يقتضي التفكير في صياغة إطار تعاقدي جديد يعوض اتفاق الشراكة الذي يعود إلى عشرين سنة مضت، والذي أصبح متجاوزا بفعل التطورات التي عرفتها المنطقة. وبعد أن نوهت بمبادرة الاتحاد الأوروبي للتشاور بخصوص مراجعة سياسة الجوار التي تكتسي أهمية بالغة في تعميق التعاون والاندماج بين ضفتي المتوسط، أكدت السيدة بوعيدة على أهمية أن يأخذ هذا التشاور صبغة تفاعلية من خلال إبلاغ الاتحاد شركاءه بأفكاره ومشروعه حول المراجعة قبل الإعلان النهائي عنها حتى يتأتى لهذه المراجعة أن تكون ثمرة مجهود تشاركي منسجم مع مبدأ التملك المشترك لسياسة الجوار الجديدة. وفي ذات السياق أشارت الوزيرة إلى أن "الوثيقة العربية" تشكل إطارا لقاسم مشترك بين الدول العربية فيما يتعلق بآمالها وانتظاراتها في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي على مختلف الأصعدة ونظرتها لما ينبغي أن تكون عليه سياسة الجوار الأوروبية سواء من حيث المبادئ التي ترتكز عليها أو من حيث مضمونها، آفاقها وكذا آليتها وامكاناتها المادية والتقنية. وقالت السيدة بوعيدة إنه انطلاقا من مبدأ الخصوصية واعتبارا للتفاوت على مستوى الطموحات والتوجهات الذي يطبع مختلف الأطراف في علاقتهم مع الاتحاد الأوروبي، فإن سياسة الجوار في صيغتها الجديدة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار، بالإضافة الى الوثيقة العربية المشتركة، التطلعات والأهداف التي عبرت عنها الدول الشريكة كل على حدة. وعلى ذات الصعيد، شددت على أن مراجعة سياسة الجوار يجب أن تكون مناسبة لوضع إطار للعلاقات الأورو-متوسطية يتسم بالجرأة والنظرة المستقبلية والجيو-استراتيجية بعيدا عن بعض الحسابات القطرية الضيقة. وبعد أن أشارت إلى أن مراجعة سياسة الجوار الأوروبية تعتبر مناسبة لتناغم وتفاعل أفضل بين سياسة الجوار والشراكة الأورو-متوسطية، أبرزت السيدة بوعيدة، أهمية إعطاء دور أكبر ل"الاتحاد من أجل المتوسط" كإطار جماعي واسع للحوار والتشاور حول العلاقات بين الاتحاد وجواره المتوسطي، وكذا كبنية لصياغة وتنفيذ المشاريع المندمجة بين دول المنطقة بشكل تتقاطع فيه وتتكامل الأهداف والسياسات والبرامج الثنائية منها والجهوية. وينبغي لسياسة الجوار، تقول الوزيرة، أن تقدم منظورا لتعاون وتكامل سياسي واقتصادي وبشري من شأنه أن يقدم الإجابات والحلول المناسبة للتحديات الراهنة ولاشكالات التنمية المستدامة، وأن تفتح الطريق نحو أفق واضح السمات يتجاوز حدود الشراكة الحالية ولا يبعد كثيرا عن وضع الانضمام. وقالت إن المراجعة الحالية لسياسة الجوار يتوخى منها أن تتيح للدول الراغبة في ذلك بلوغ الأسواق الأوروبية وفق شروط أفضل، على غرار ما تتمتع به دول الفضاء الاقتصادي الأوروبي. وخلصت إلى أن مراجعة سياسة الجوار يتوخى منها، أيضا، أن تتيح تركيزا أكبر على القضايا والقطاعات الاجتماعية من شغل وتطبيب وتعليم ونقل وتقليص للهشاشة وفك لعزلة ما زالت تعاني منها مناطق قروية كثيرة. ويستدعي هذا حسب الوزيرة، استمرار الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لموازنات دول جنوب المتوسط. وبالإضافة إلى المغرب، شارك في المؤتمر وزراء خارجية تونس والجزائر وفلسطين ومصر، وسفير الأردن لدى الاتحاد الأوروبي، وأمين عام جامعة الدول العربية وأمين عام الاتحاد من أجل المتوسط. وعن الجانب الأوروبي يشارك في المؤتمر المفوض الأوروبي لشؤون سياسة الجوار ومفاوضات التوسع، يوهانس هان، على رأس وفد رفيع المستوى يضم كبار المسؤولين في المفوضية الأوروبية وجهاز العمل الخارجي الأوروبي، فضلا عن وزيري خارجية لاتفيا واللوكسمبورغ بصفتهما الرئيس الحالي والقادم للمجلس الأوروبي، وممثل رئيس البرلمان الأوروبي. وستصدر عن المؤتمر "ورقة عمل عربية مشتركة" يضمنها الجانب العربي رؤيته للسياسة الجديدة وللتعديلات المرجوة.