في تجربة فريدة من نوعها بالمغرب وشمال افريقيا تمكنت "جمعية دار السي احماد للتنمية والتربية والثقافة" بدعم من شركاء مغاربة وأجانب من توفير موارد مائية بديلة غير مستهلكة للطاقة. وذلك لفائدة ساكنة عدد الدواوير التابعة للجماعة القروية اثنين أملو الواقعة جنوب شرق مدينة سيدي افني. يتعلق الأمر بمياه الضباب التي يتم تجميعها واستعمالها للتزود بالماء الصالح للشرب عبر شباك مصممة خصيصا لالتقاط الرذاذ والرطوبة على علو مرتفع عن سطح البحر وتحويلها إلى قطرات ماء بمعدل يقارب 6.3 متر مكعب يوميا. وحسب الجمعية فإن هذه التجربة التي تعتبر خطوة رائدة في مجال توفير المياه بمنطقة إقليمسيدي افني التي تعاني من شح في التساقطات المطرية ، تنبني على ثلاثة مقومات أساسية تتمثل في توفر الضباب بالمنطقة المستهدفة ، وتواجد ضغط جوي مرتفع في محيط مائي ذي مياه باردة، ووجود حاجز جبلي يتراوح علوه ما بين 500 و 600 متر فوق سطح البحر. ضمان المياه لتوريد الماشية في هذه المنطقة ومن أجل تحقيق هذه الغاية تم نصب بجبل "بوتمزكيدا " المتواجد بالقرب من أحد الدواوير المستفيد من هذه التجربة ، 600 متر مربع من الشباك المصنوعة من مادة تتميز بحساسية التقاط الرذاذ وإنجاز خزانين بسعة إجمالية تصل إلى 500 متر مكعب وبئر، ومد أزيد من 9000 متر من الأنابيب لإيصال المياه إلى المنازل ونظام للتصفية والتعقيم، بالإضافة إلى بناء أربعة خزانات فرعية ومرصد للضباب يعد الاول من نوعه في العالم. وتوفر هذه التقنية المعروفة ب " حصد الضباب " الماء الصالح للشرب ، لفائدة حوالي 400 شخص (80 أسرة)، بالإضافة إلى ضمان المياه لتوريد الماشية في هذه المنطقة التي تضم خمسة دواوير ومدرستين قرويتين ومدرسة عتيقة. وأبرز رئيس الجمعية السيد عيسى الدرهم في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء بمناسبة تدشين هذا المشروع أول أمس السبت الذي يصادف الاحتفال باليوم العالمي للماء الذي يخلد هذه السنة تحت شعار "الماء والتنمية المستدامة"، أن هذه المبادرة الفريدة من نوعها بالمغرب وشمال إفريقيا ، استقتها الجمعية من التجربة التي اثبتت فعاليتها بدولة الشيلي التي تعاني بدورها من مشكل الماء وتتوفر على ضباب كثيف . إمكانية الحصول على 5ر10 لتر من الماء يوميا وأكد رئيس جمعية "دار السي احماد للتنمية والتربية والثقافة" أن التجارب التي قامت بها الجمعية على مدى خمس سنوات بالمنطقة أسفرت عن إمكانية الحصول على 5ر10 لتر من الماء يوميا لكل متر مربع من الشباك وهو ما شجع على الانتقال من التجريب الى مرحلة التنفيذ الفعلي للمشروع. وسجل أن الجمعية ستعمل بتعاون مع شركائها الوطنيين والدوليين على تطوير هذه التجربة من أجل الرفع من عدد المستفيدين وتوفير الماء في مرحلة اولى لفائدة 1000 شخص . وأشار في هذا السياق إلى مشروع آخر يهم نصب شباك جديدة لها قوة تحمل الرياح القوية التي تعرفها المنطقة ، أنجزته الجمعية بتعاون مع منظمة ألمانية ومكن من تعبئة 60 لتر في المتر مربع يوميا . الاحتفال بفكرة جديدة بدت للوهلة الاولى صعبة التحقق وأبرز أن الجمعية التي شرعت في بناء معهد للأبحاث متخصص في المجال من أجل إنجاح هذه التجربة بهدف تعميمها لتشمل منطقة سوس وحاحا والريف ومناطق أخرى ، تتطلع إلى تطوير هذا المشروع وتراهن على استعمال الضباب الرقيق المتواجد بكثرة بالقرب من الشواطئ في عملية توفير الماء الصلح للشرب . من جانبها قالت مديرة مشروع " حصد الضباب " السيدة جميلة بركاش بهذه المناسبة أن هذا المشروع الذي تم الشروع في إنجازه سنة 2006 شكل في بداية الامر تحديا وحلما تحقق بعد ذلك بفضل عمل متواصل استمر لعدة سنوات، مضيفة أن هذا الانجاز الذي تحقق بفضل دعم العديد من الشركاء يظل جد متواضع مقارنة مع المجهود اليومي الذي تقوم به النساء بهذه المنطقة . وأشارت بركاش إلى أن تدشين هذا المشروع بحضور الشركاء ، يأتي للاحتفال بفكرة جديدة بدت للوهلة الاولى صعبة التحقق غير أن الواقع، أثبت نجاعتها وأهميتها لكونها مكنت من توفير الماء الناتج عن رذاذ الضباب.