شكلت الانتخابات التشريعية والرئاسية التي شهدتها إندونيسيا، خلال السنة الجارية، حدثا هاما بالنسبة للتحول الديمقراطي الذي انطلق في البلاد منذ بداية القرن الحالي، إلى درجة اعتبرها المتتبعون نقطة تحول جوهري في الحياة السياسية الإندونيسية بالنظر للنتائج التي أفرزتها، وكذا التحديات الجديدة التي تولدت عنها، والتي جسدت تغييرا واضحا في المشهد السياسي في أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان. تقنيا، كانت هذه الانتخابات ناجحة بكل المقاييس وبشهادة المختصين، إلا أنه على المستوى السياسي جاءت بخريطة سياسية صعبة التدبير تميزت على مستوى الانتخابات التشريعية بظهور إئتلافين إثنين يتزعمهما كل من حزب النظال الديمقراطي (ليبرالي ) وحزب حركة (غريندرا) المحافظ، مما أفضى إلى خوض كل من جوكو ويدودو عن الحزب الأول وبرابوو سوبيانتو عن الحزب الثاني للانتخابات الرئاسية. وفي الانتخابات الرئاسية اختار الشعب الإندونيسي جوكو ويدودو ، البالغ من العمر 53 عاما، المنحدر من أسرة فقيرة تعمل في حرفة النجارة، بخلاف الرؤساء السابقين لإندونيسيا الذين كانوا إما من أسر عريقة في السياسة أو جنرالات في الجيش، إلا أن هذا الاختيار لم يمنع غريم الرئيس الجديد ومنافسه في الرئاسيات برابوو سوبيانتو من تعزيز إئتلافه داخل البرلمان حيث كون الأغلبية وسيطر على مناصب رئيسي المجلسين التشريعيين ورؤساء لجن القطاعات الاستراتيجية مما يؤهله للوقوف في وجه كل مبادرة تأتي من الرئيس الجديد أو من الحكومة بل ويفسح أمامه المجال لتغيير القوانين والتأثير في قرارات المجالس التشريعية الوطنية والجهوية.