لا أدري إن كان يجب تمني الرفاه والبنين لشيخنا الإمام الفيزازي بمناسبة زواجه الرابع، فله من البنين، ما شاء الله، ما يمكنه من إنشاء جيش لو أراد، وله من الرفاه ما تسير به الركبان، خاصة بعد أن انساقت له سبل الرزق فيما يتاجر به من دين، بدءا مما مسه من عطايا سلطانية بمناسبة إمامته لأمير المؤمنين، أو ما تدره عليه عقود المرور في قنوات تلفزية وإذاعات وطنية، تهافتت على طلب خدمته مؤخراً، دون ما يربحه مما هو مستور غير معلوم إلا عند الله سبحانه.... لذا سندعو له بأن يبارك الله في عروسه الجديدة، وأن يمكنه من القوة الجسدية ما يستطيع به أن يأتي حرثه آن شاء.... خاصة وأن مواقع الحرث المنسوبة إليه متعددة... وفقه الله لما هو فيه، وهو على كل شيئ قدير.... أوردت عدة مواقع خبر زواجه الرابع هذا، والذي استبقه بتغريدة على صفحته الفايسبوكبة، يثني فيها على الزواج من البكر، ويشرح فوائده، مستندا على مرجعيته الدينية في ذلك، ومن هذه الزاوية لا حرج عليه، لأنه لا يمارس سوى تجسيد ذاته المفكرة على أرض واقع جسده الحقيقي.... لكن لا بأس أن ننغص عليه فرحه الطفولي بزواجه هذا، إن لم يكن اقتناعاً بأن التعدد ممارسة متخلفة تنتفي فيها خاصية الإنسان في المباشر لها من الرجال، وفي القابل أو المفروض عليهن من النساء، فعلى الأقل، ننغص عليه فرحه هذا غيرة وحسدا.... بالرجوع إلى المناقب التي أوردها الشيخ في تبرير الزواج من البكر، ودون نية الخوض في أعراض الناس، وبالنظر إلى السن المفترض للعروس التي نالها نصيب الربع الأخير والمتهالك فيه، هل يضمن لنا شيخنا أن المقترنة بشخصه الكريم لم يمسسها إنس من قبل؟ ثم في خضم التطور التكنولوجي الذي نعيشه الآن، وهذا الدفق الهائل من التواصل البشري، هل يضمن لنا شيخنا الجليل أن عروسه الرابع البكر هذا لم يتعلق قلبها من قبل بشاب في سنها تلاعبه ويلاعبها اقتداء بنصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم.... لا بمكن الاعتراض على زواج هذا الفقيه، لكن يحق لنا قراءة هذا الزواج من زاوايا عديدة، أهمها الزاوية السياسية المتعلقة بالمراجعات التي يعتبر الشيخ الفيزازي أكبر رموزها... فإذا كان الإقرار بخطأ اعتناق الفكر الديني المتطرف سابقا، مدخلا لما سمي بعفو الدولة وبسط يديها إلى أمثاله، فإن الكثير من الممارسات الاجتماعية تكون عنواناً لصدقية هذه المراجعات ومدى انخراط المعني بالأمر في مفهوم للدين وسطي ومعتدل.... فالتطرف في الدين لا يعني اعتناق الأفكار الإرهابية والجهادية فقط، لكن أيضا السير ضد توجه الدولة في تبنيها للكثير من الاجتهادات الوقتية في علاقتها بالنصوص الدينية، خاصة التي تقبل التأويل والتكييف.... بالرجوع إلى بدايات الاستقلال، سنجد المبادرة التي أقدم عليها علال الفاسي بطرحه لمشروع قانون يمنع بموجبه التعدد في الزواج، انطلاقا من قراءته، وهو العالم السلفي الفقيه بشؤون الدين، للآية التي تنص عليه، وانطلاقا من اعتباره أن العدل شرط للتعدد، وأن الجزم الإلهي بانعدام هذا العدل هو نفي لهذا التصريح بالتعدد.... كانت هذه هي فلسفة الدولة وفلسفة المجتمع المدني وهما يصنعان ثورة مدونة الأسرة في منتصف العقد الأول من هذه الألفية، لولا تدخل الامتدادات المتطرفة التي يمثلها الفيزازي وغيره لنسفها.... التعدد الذي مارسه اليوم الفيزازي، والذي يمارسه بعض الموظفين العموميين، المعينين كوزراء في حكومة هذا الوقت، هو سير ضد هذه الإرادة، وهو أيضا نوع من الاعتناق للجانب المتطرف في الدين، والتي تمت بشأنه المصالحة السياسية، والتي مكنت الفيزازي من التسبيح ظاهريا بحمد السلطان والمال، دون التأكد مما يضمره داخليا، ومدى انقلابه إلى أصله كلما لاحت له إشارات استقواء إخوانه السابقين.... إلى ذلك لا يسعنا سوى أن نبارك لإمامنا هذا زواجه مرة أخرى، في انتظار أن يمد حرثه إلى ما ملكت يمينه، فما ذلك بحرام في الدين ولا عزيز على شيخنا...