نشرت يومية «أخبار اليوم» في عددها الصادر يوم الإثنين 12 ماي 2014 خبرا مفاده أن مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان احتضن صباح يوم الإثنين، حفل توقيع اتفاقية مثيرة بين المجلس ووزارة الصحة؛ تهدف إلى «تخفيف التمييز والمحافظة على حقوق الفئات السكانية الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالسيدا»، وكذلك تلك المتسمة ب«الهشاشة» و«المتعايشين» مع الفيروس المسبب لهذا المرض. وتضم هذه الفئات أساسا "العاملات في الجنس" و"المثليين" المصابين، إلى جانب المتعاطين للمخدرات التي تؤخذ عبر الحقن. وأعرب أحمد الدريدي، المنسق العام لفروع الجمعية المغربية لمحاربة السيدا، أن «التمييز يؤدي إلى الوصم، وبالتالي المنع من الوقاية والعلاج؛ فعاملات الجنس والمثليون لا يتمكنون -مثلا- من إجراء التحاليل، وبالتالي لا يدخلون منظومة الوقاية»، كما أن «عاملة الجنس التي يوظف الأمن العازل الطبي الذي يعثر عليه بحوزتها كدليل يدينها ستمتنع عن استعماله، وبالتالي، نفتح المجال أمام مزيد من احتمال نشر الفيروس». ووفق المصدر ذاته؛ تفترض هذه المقاربة الحقوقية الجديدة، التي يتم الكشف عنها بعد أكثر من ثلاث سنوات من النقاشات والورشات والأيام الدراسية، تغييرات في التشريعات والقوانين التي تمس "عاملات الجنس" و"المثليين"، سواء في المنظومة الأمنية والقضائية، أو في المنظومة الصحية. فالشواذ والعاهرات من المفترض في الأيام القادمة أن يفسح المجال أمامهم ليعلنوا عن انحرافهم دون مركبات نقص أو خوف من تبعات العقوبة التي نص عليها القانون الجنائي في فصله السادس، ولا خوف على العاهرات والشواذ بعد اليوم من حمل معدات المهنة، كالعازل الطبي وغيره، لأنها لن تعود أدلة إدانة ضدهم. والظاهر أننا صرنا نعيش فصول مسرحية مكررة مملة، لها سيناريو ثابت لا يتبدل ولا يتغير؛ فعوض أن يُنظر إلى مسببات السيدا ومن يسهم بشكل مباشر في ارتفاع معدلاتها خاصة الشذوذ والزنا، يتم التركيز فقط -وكالعادة- على تأطير الظاهرة ووضع الآليات لإخراجها من السر إلى العلن. وعوض أن تضطلع وزارة الداخلية بدورها وتطبق القانون المجرم للواط والزنا، وتقلص أو تقضي على هاته الانحرافات التي تكلف خزينة الدولة والمجتمع غاليا، وهي قادرة على القيام بذلك تماما إن أرادت ذلك، حذوا بحملتها على «التشرميل»، عوض ذلك كله تتجه كل من وزارة الصحة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان لإحداث تغييرات في التشريعات والقوانين التي تمس "عاملات الجنس" و"المثليين"، سواء في المنظومة الأمنية والقضائية، أو في المنظومة الصحية! لكن يمكننا أن نتفهم جيدا دوافع مثل هاته الخطوات، بالعودة إلى المرجعيات التي تحكم أصحابها، وتاريخهم ومواقفهم، ففاقد الشيء لا يعطيه، ولا يمكننا إطلاقا أن ننتظر من ذوي المرجعيات اليسارية أن يحافظوا على الأمن الأخلاقي والقيمي للمجتمع، لأنهم يؤمنون إلى درجة اليقين بالحرية الجنسية وبحق اللواطيين في الإعلان عن انحرافهم، وبما أقرته اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية في هذا المجال، لكن العتب كل العتب على ذوي المرجعية الإسلامية في الحكومة إن هم سمحوا لمثل هاته القرارات أن تخرج إلى حيز الوجود. فالقانون الجنائي المغربي يجرم صراحة اللواط والزنا، نعم! يغيب فيه مبدأ تناسب الجريمة والعقوبة، ولا يطبق الحكم الشرعي الوارد في هذا الباب؛ لكنه يدرج اللواط والزنا في خانة الجريمة، حيث نص في الفصل المتعلق بتجريم «الشذوذ» في باب انتهاك الآداب في الفرع السادس من القانون الجنائي في مادته 489، على ما يلي: «يعاقب من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وغرامة من 200 إلى 1000 درهم من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه، ما لم يكن فعله جريمة أشد»، وفي الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي على أن «كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زوجية تعتبر جريمة فساد، ويعاقب عليها بالحبس من شهر إلى سنة». فيجب الحفاظ على هذا المكتسب والمطالبة برفع سقف العقوبة حتى تتناسب مع حجم الجريمة الفظيعة التي يقترفها هؤلاء المنحرفون، وحث السلطات على عدم التسامح مع "الشواذ" والزناة، وعدم الاستجابة للضغط الذي تمارسه المنظمات التابعة للأمم المتحدة، والجمعيات الوطنية المؤازرة للشواذ والزناة، والحريصة على توفير الدعم والمناصرة لملفهم، ومراقبة مؤشر تطوره داخل وطننا مراقبة من له مصالح في تفكيك منظومة قيم المجتمع، والتمكين لمنظومة بديلة يدافع عنها أنصار اللواطيين من الذين أطلقوا «نداء الحريات» عقب واقعة القصر الكبير، و«حركة مالي» و«اليقظة المواطنة» و«حركة ضمير». نبيل غزال [email protected]