حين بدأ مجلس الأمن الدولي يناقش فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي في آيار (مايو) 2010 كانت الولاياتالمتحدة لا تعرف كيف ستصوت بعض الدول الأعضاء على قرار العقوبات. فطلبت سفيرتها في الأممالمتحدة وقتذاك سوزان رايس من وكالة الأمن القومي مساعدتها بالتجسس على هذه الدول "ليمكنها اعداد استراتيجية" مناسبة، كما تكشف وثيقة مسربة. وبدأت الوكالة عملها بعد الحصول على الموافقات القانونية بالتجسس على دبلوماسيي أربع دول أعضاء في المجلس، هي البوسنة والغابون ونيجيريا واوغندا التي كانت سفاراتها وبعثاتها اصلاً تحت المراقبة. وفي حزيران (يونيو) من العام نفسه صوتت 12 دولة مع العقوبات، فيما امتنع لبنان عن التصويت ولم تعترض إلا البرازيل وتركيا. اليد الطولى وأعربت رايس لاحقًا عن شكرها للوكالة قائلة إن المعلومات التي جمعتها ساعدتها على أن تعرف متى كان دبلوماسيو الدول الأربع الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، الصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا، "يقولون الحقيقة... وكشفت حقيقة موقف دولهم من العقوبات... وأعطتنا اليد الطولى في المفاوضات... وقدمت معلومات عن "الخطوط الحمراء" لدول مختلفة". كما تتضمن وثيقة أخرى من الوثائق، التي سرّبها الموظف السابق في وكالة الأمن القومي ادوارد سنودن لسفارات دول وبعثات دبلوماسية اخترقتها الوكالة، ومنها البرازيل وبلغاريا وكولومبيا والاتحاد الاوروبي وفرنسا وجورجيا واليونان والهند وايطاليا واليابان والمكسيك وسلوفاكيا وجنوب افريقيا وكوريا الجنوبية وتايوان وفنزويلا وفيتنام. وكانت جوانب من هذه الوثيقة نُشرت في صحيفة الغارديان البريطانية في حزيران (يونيو) السابق. وكانت الوثائق التي كشفت الأنشطة التجسسية لوكالة الأمن القومي خارج الولاياتالمتحدة، بما في ذلك التجسس على مسؤولي دول حليفة، اثارت موجة غضب على الولاياتالمتحدة في انحاء العالم. لن نعتذر! ولكن المتحدثة باسم الوكالة كيتلن هايدن اعلنت "اننا في الوقت الذي ستواصل اجهزتنا الاستخباراتية جمع معلومات عن نيات الحكومات الأخرى، وليس عن المواطنين الاعتياديين، في انحاء العالم كما تفعل اجهزة الاستخبارات في أي بلد آخر، لن نعتذر لأن اجهزتنا قد تكون اشد فاعلية منها". وأُعيد تأكيد الطلب الذي قدمته رايس الى وكالة الأمن القومي للتجسس على اعضاء في مجلس الأمن قبل التصويت على العقوبات ضد إيران في تقرير داخلي اعده قسم عمليات المصادر الخاصة في الوكالة والذي يعمل مع شركات الاتصالات. ويبين التقرير الداخلي أن وكالة الأمن القومي حصلت على موافقة محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية للتجسس على بعثات دول محدَّدة. وكانت مجلة دير شبيغل الالمانية نشرت في آذار (مارس) وثيقة تكشف أن المحكمة اصدرت امرًا يجيز لوكالة الأمن القومي التجسس على المانيا في 7 آذار (مارس) 2013 وتضمنت الوثيقة اسماء عدة دول كان تاريخ صلاحية الموافقة التي اصدرتها المحكمة للتجسس عليها على وشك الانتهاء. ولا يخول قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية المحكمة اصدار اوامر بمراقبة دول محددة على نطاق واسع. ولكنه يخولها اصدار اوامر تجيز التجسس على "قوى أجنبية" تعمل في الأراضي الأميركية، ولكن مثل هذا التخويل ينتهي بعد عام. لا مكان للاختفاء وسيعاد نشر هذه الوثائق التي تتضمن واقعة التجسس على دول اعضاء في مجلس الأمن الدولي قبل التصويت على العقوبات ضد إيران في كتاب من تأليف غلين غرينوالد بعنوان "لا مكان للاختفاء: ادوارد سنودن ووكالة الأمن القومي ودولة المراقبة الأميركية"، كما افادت صحيفة نيويورك تايمز. وكانت صحيفة لوموند نشرت في تشرين الأول (اكتوبر) 2013 تقريرًا عن دور وكالة الأمن القومي في مساعدة المفاوضين الأميركيين بالتجسس على دبلوماسيي الدول الأخرى، مع تركيز لوموند على تجسس الوكالة على الدبلوماسيين الفرنسيين تحديدًا.