شخصيا لم يثر في كتاب هشام العلوي الكثير من فضولي الاعلامي إلا في جانب واحد متعلق بعنوانه الذي استوقفني لأبحث في ثناياه بين صورة "الأمير" وصورة "المنبوذ" باحثة عن أوجه الشبه الذي دفعني الى تتبع مسار الرجل منذ كان طفلا حتى اعتلى الشيب رأسه وهو اعتلاء فيه نقاش متعلق بنفسية الرجل المؤشرة عن فشل ذريع في تحقيق مشروع ما ، بلون ما ، بدأ باللون " الأحمر" الجياش بنفحات اليسار الذي بحث الرجل بكثير من النية في التوظيف الممنهج عن الضائعين في ممراته والتائهين عن حقيقة المسار و التحولات، الى لون أحمر بلون الدم النابع من ربيع قاحل حاول الرجل أن يؤسس من خلاله لمسار مخالف ومتناقض مع البدء، لتتحول لحية "غيفارا" في مسلسل الانتهازية السياسية الى لحية إخوانية موظفة- مرة أخرى- لكن وظيفتها تمت بالفعل والقوة، من أجل وضع اعتقد فيه الأمير أن السفينة حطت في أول السكة، وأن لحظة الوصول باتت وشيكة، وأن كل الأمواج العاتية لن تكون إلا ممهدة لطريق النصر، في حلم اعتقد فيه الأمير أن جيشه لن يكون إلا هؤلاء المنبوذين بالفعل ، وهم المشردين والفقراء والواقفين والواقفات عند باب الله، الفارغة جيوبهم و جيوبهن، والجائعة بطونهم وبطونهن والمعطلون والمعطلات والمسحوقين و المسحوقات، هؤلاء اللذين يفترشون ويفترشن الأرض ، غطاؤهم وغطاؤهن السماء، جاحظة أعينهم وأعينهن من شدة الألم في الممرات، وذلك شعبنا المطالب بالعدل والكرامة والحرية في كافة الأزقة التي يجهلها الأمير المنبوذ إلى أفخم الجامعات الأمريكية، تلك التي قال عنها بالقنوات التي رحبت بأحلامه الورقية أن أمه الثانية هي " جامعة برنستون" الواقعة في بلدة برنستون بولاية نيو جيرسي، بالولايات المتحدةالأمريكية. وهو الشعب الذي يجهله الأمير، كما يجهل انتماءه الحقيقي لمملكة المغرب الراسخة في الذهن والذاكرة ، وهي ذاكرة تتوجه للمستقبل ، تبني تحولاتها بوعي عميق في شد الوتد الرافض للحظة الاقتلاع لأنه وتد الاستقرار غير المعلن عن مكان ترابه، وهو التراب الذي دفن في العقل و القلب، من أجل أن يظل الوطن في ملكيته والملكية في وطنها، بالقوانين و المساطر التي تتسع لكل أحلامنا المشروعة في بناء المغرب الديمقراطي الحداثي، في ظل الملكية الديمقراطية التي نؤسس معها اليوم المستقبل المشترك في ظل المواطنة بدستور لم يرق الأمير المنبوذ بحجة بحثه عن النصف الفارغ من الكأس التي نسعى إلى ملئها بجمع شتات الأيادي قطرة قطرة بصبر وثورة هادئة بملك وشعب ، من أجل أن نغني جميعنا في ساحة استكمال النصر للديمقراطية والوطن : "كأسك يا وطن". قلت في نفسي "يالٌه" أيها الزمن الرديء ، كرداءة خطاب أمير نصب نفسه أمير المنبوذين والمنبوذات ومعتديا بالسطو الفعلي على موصفاتهم و مواصفاتهن، بل منتحلا صفاتهم وصفاتهن ومستعملا كل آلامهم وآلامهن و جراحهم وجراحهن ، وعطشهم وعطشهن وجوعهم وجوعهن. هو الأمير الأحمر أو ما شاء من الألوان وهم المقهورين و المقهورات بفعل الزمن الرديء الذي لا نريد أن نجتره صوب زمن الأمل، هؤلاء اللذين لم تفتح لهم قنوات باريس و نيويورك، ولم توضع في رقابهم ورقابهن ربطات العنق التي يبلغ ثمنها وضع إنارة في زقاق مظلم. فارحمنا أيها الأمير المهووس بهدم مملكة في ذهنه، واتركنا في سلام لتدبير فقرنا وقهرنا مع ملك شاب نختاره ويختارنا بكل وعي ومسؤولية، يشمر على سواعده من أجلنا ونشمر على سواعدنا لتجاوز محنتنا، لا نريد ربيعك ولا خريفك ولا ألوانك المفضلة، فارحل من قهرنا من دربنا، لسنا في حاجة إلى أن تفضح اليوم كل سماسرتك أو أن يفضحوك، فلدينا قضايا أكبر من كل مغالطاتهم ومغالطاتك لا مكان لنا في جرائدنا ولا في عقولنا لتحليل رغباتك التي تصيبك بنوبة، كلما اخترت الجذبة، بعد ارتشاف كأس تحركه بملعقتك الذهبية، وارحمنا مرة أخرى من كل هذا الضجيج، لان لنا وطن يحتاج كل دقيقة من زمننا كما يحتاج كل مساحات الحلم الجميل بالانتصار لقضاياه العادلة.