حين احتاج الثوار الليبيون إلى دعم مالي لانتفاضتهم في الربيع الماضي، لم ينظروا إلى قوى غربية مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا، بل توجهوا إلى قطر الصغيرة التي مدّتهم بدعم متعدد الأشكال، من السلاح إلى زيت التدفئة. وخلال الأشهر الثمانية من الانتفاضة، كانت المناطق التي يسيطر عليها الثوار تكيل آيات الثناء على قطر. ولكن، بعد سقوط طرابلس بيد الثوار ومقتل الزعيم الليبي معمر القذافي، انقلب مسؤولون ليبيون على قطر متهمين الدوحة بتنفيذ أجندة خفية وتسخير جماعة صغيرة من الاسلاميين لتحقيق أهدافها. وكان دور قطر بالغ الأهمية خلال الأيام الأولى من الثورة. فهي تصدرت تحرك الجامعة العربية لدعوة الأممالمتحدة الى فرض منطقة حظر جويّ في ليبيا. ومهّد القرار اللاحق طريق الحملة الجوية لحلف شمالي الأطلسي التي غيّرت مجرى النزاع لصالح الثوار وحسمت مصير القذافي. وتولّت قطر مدّ الثوار بالسلاح والمعدات التي كانوا يحتاجونها إلى مقاتلة كتائب القذافي. وكان القطريون أرسلوا قبل ذلك شحنات لوجستية من اجهزة اللاسلكي الى السيارات رباعية الدفع. وعندما بدا واضحا ان تسليح الثوار لا يضاهي تسليح قوات القذافي، أرسلت قطر أسلحة ثقيلة مثل صواريخ ميلان الفرنسية المضادة للدبابات. واستقبلت قطر مئات الثوار للتدريب في اراضيها وارسلت ضباطها الى ليبيا لمساعدتهم ميدانيا. واليوم، يستعد القطريون لتمويل برنامج تدريب قوات ليبية في فرنسا، كما افادت مجلة تايم في تقرير من طرابلس. وتخطى الدعم الليبي تمويل مشتريات السلاح وتوفير التدريب. فبعد تجميد الأرصدة الليبية والمصاعب القانونية في بيع النفط الليبي لم يكن لدى المجلس الانتقالي مال يدفع منه رواتب الليبيين ويغطي به السلع المدعومة من الخبز الى الغاز. فانبرت قطر عارضة تسويق مليون برميل من النفط لحساب المجلس الانتقالي وتحقيق 100 مليون دولار من العائدات عن هذه الطريق. وفي وقت لاحق، أرسلت قطر أربع شحنات من المنتجات النفطية مثل وقود الديزل والبنزين. وعندما رفضت شركات النفط العالمية تفريغ الشحنات في ميناء بنغازي قبل ان يدفع المجلس الانتقالي ثمن ايصالها، تدخلت قطر وتعهدت الدفع إذا تخلف المجلس الانتقالي عن السداد. كما ساعدت قطر في إطلاق قناة ليبيا الأحرار الفضائية بتوفير مكتب لها في الدوحة وبث إشارتها. وفُتحت القناة في آذار/مارس الماضي لتقويض التأييد الذي كان القذافي يتمتع به في المناطق الواقعة تحت سيطرته. وحين أوعزت الجامعة العربية لشركات البث الفضائي بوقف التعامل مع التلفزيون الرسمي الليبي في مايو، انتقل العديد من الليبيين الى قناة ليبيا الأحرار وموقفها المؤيد للثوار من اجل متابعة الأخبار. وقال امير قطر في شرح دوافع الدعم القطري إنه يريد "تخفيف معاناة الأشقاء الليبيين وتلبية حاجاتهم الانسانية". ولكن بعد مقتل القذافي وكنس نظامه الى مزبلة التاريخ، يشكو كثير من الليبيين الآن قائلين إن الدعم القطري كان له ثمنه وان قطر مدت زمرة صغيرة من الاسلاميين بالسلاح والمال مانحة إياها قدرة كبيرة على التأثير في العملية السياسية. ونقلت مجلة تايم عن علي الترهوني نائب رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي ووزير المالية والنفط السابق ان ما فعلته قطر من حيث الأساس "هو دعم الاخوان المسلمين". وأضاف ان القطريين "جلبوا السلاح واعطوه الى اشخاص لا نعرفهم". وكان مسؤولون قطريون مارسوا بالفعل تأثيرا في السياسة الليبية.