امتدت الاحتجاجات المطالبة بتغييرات سياسية واجتماعية بمشاركة آلاف الشباب والتي اندلعت في ميدان الشمس في مدريد منذ الأحد بناء على دعوة تم إطلاقها على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى مدن إسبانية أخرى اليوم، وسط وجود أمني مكثف. وامتدت الاحتجاجات إلى مدن مثل ساراجوسا وبرشلونة وفالنسيا وبالما دي مايوركا، بمشاركات متفاوتة، وإن كانت أقل من مدريد، التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات بدعوة من "حركة الغضب". وتجددت الاحتجاجات مساء اليوم في مدريد، بعد نجاح قوات الأمن في فض اعتصام المتظاهرين بالقوة، حيث انتشرت 20 شاحنة تابعة لقوات مكافحة الشغب في ميدان الشمس، مركز الحركة. وكانت الاحتجاجات قد بدأت في العاصمة بنحو 150 شخص وانضمت إليها بعد ذلك أعداد كبيرة بالآلاف. ووفقا لمصادر في مسرح الأحداث، فإن وحدات من قوات التدخل الأمني انتشرت عبر الميدان وأمام مقر حكومة المحلية لإقليم العاصمة مدريد، فيما يصر المتظاهرون على مواصلة الاعتصام ونصب الخيام. وتتزامن هذه الاحتجاجات مع انطلاق الحملات السياسية استعدادا للانتخابات المحلية التي ستعقد في 22 من الشهر الجاري، حيث ردد المتظاهرون من حركة "شباب بلا مستقبل" هتافات، تبرز من بينها "سنعتصم هنا اليوم"، و"لا لا لا يمثلوننا"، و"شرطة أقل.. تعليم أكثر". وفاجأت هذه الاحتجاجات السياسيين بأحزابهم التقليدية، بعد أن تحول المواطنون لمتابعة أخبارها عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، بدلا من دراسة برامج مرشحيها، وهو ما دفع الحزب الاشتراكي الحاكم وأحزاب اليسار المختلفة لمحاولة إبداء التضامن والتفهم لحركة "الغضب" التي اندلعت من مدريد وامتدت لتشمل عددا من المدن الكبري. ويطالب المتظاهرون ب"ديمقراطية حقيقية"، وتصحيح السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبناها حكومة الحزب الاشتراكي بزعامة خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو. في فالنسيا، أكد وزير شئون الرئاسة رامون خوارجي أن "الاعتصام في الشارع بهذه الطريقة لن يؤدي إلى أي شيء"، بالرغم من اعترافه أن الشباب محقون ومطالبهم مشروعة في مواجهة الأزمة التي نتجت عن "الجشع وانعدام الضوابط" في قلب الرأسمالية. وقال "هناك غضب.. نعي ذلك.. إنه أمر منطقي أن يحدث تمرد على الأشياء التي نراها غير جيدة"، معربا عن أسفه لأن "شباب اليوم المتعلم والمؤهل ينظر للمستقبل من منظور قاتم لا يرى فيه إمكانية للعثور على فرصة للعمل أو للمسكن أو للزواج وتكوين أسرة وأبناء". وبالرغم من ذلك أفاد بأن "كثرة الاحتجاجات لا تؤدي إلى شيء، كما أن استمرار الاعتصام في الشارع لن يسفر عن شيء". يشار إلى أن الحركات المشاركة في احتجاجات مدريد لا تنضوي تحت موقف سياسي واحد، باستثناء امتناعها عن التعبير عن تأييدها لأي من سياسات الحزب الحاكم ذي التوجه الاشتراكي أو الحزب الشعبي اليميني، قطب المعارضة. وتعيش إسبانيا أزمة اقتصادية طاحنة، وهو ما انعكس على ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى نحو خمس ملايين مواطن، بنسبة 40% بين الشباب في سن الخامسة والعشرين، وهو ما دفع صندوق النقد الدولي لإطلاق تحذيرات بشأن مستقبل الأجيال الإسبانية الصاعدة، والتي تمثل نواة الاحتجاجات.