بعد زيارته لتونس، التي أعلن فيها عن دعم اقتصادي في شكل قروض، لكنه وجه رسائل وقائية للاستهلاك المحلي الإسباني، أصبح رئيس الحكومة الإسبانية، خوسي لويس رودريغث ثاباتيرو، في طليعة المسؤولين الأوروبيين الذين يقدمون دعما للعملية الانتقالية "التاريخية" في تونس، لدعم التنمية في هذا البلد العربي. واجتمع ثاباتيرو، الذي يعد أول رئيس حكومة أوروبية يزور تونس بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي في 14 يناير الماضي، مع أبرز المسئولين في الحكومة الانتقالية، والمعارضة والمجتمع الدولي للتأكيد على دعم إسبانيا لهم. وفي مؤتمر صحفي عقده ثاباتيرو بمقر إقامة سفير دولة إسبانيابتونس، عقب اجتماعه مع الرئيس المؤقت فؤاد المبزع، والوزير الأول الجديد بالحكومة الانتقالية، الباجي قائد السبسي، قال إن بلاده كانت الأولى في إرسال مساعدات إنسانية، وأنها تستعد لإرسال طائرة مساعدات ثانية، من الممكن أن تستخدم في نقل اللاجئين. وأعرب ثاباتيرو عن استعداده للمساهمة في حل أزمة اللاجئين على الحدود بين تونس وليبيا، الذي تشهد أزمة إنسانية جراء القمع ضد المحتجين لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي، وذلك من خلال إرسال طائرات عسكرية وسفن لنقل اللاجئين إلى دولهم الأصلية وتجنب وقوع أزمة إنسانية. وقال: "نريد أن يكون لنا تواجد من البداية ونريد أن نكون مع مجموعة الدول التي تقدم اكبر قدر من المساعدات لدعم ما يحدث في الدول العربية". ولدى استماعه للانتقادات الموجهة لفرنسا من قبل المنظمات المدنية لدورها مع النظام السابق التونسي قال: "كل بلد يصنع تاريخه، وكل شعب يشيد ديمقراطيته، وما ينتظر من الشعوب الصديقة هو التفهم والمساعدة، وسنقدم كل ما يطالبوننا به كي يشعر التونسيون بأنهم أحرار، وفازوا بكرامتهم الديمقراطية، ليعيشوا في مجتمع تعددي أرسيت قواعده على أسس دولة القانون". وعول ثاباتيرو مجددا على إطلاق ما أسماه "خطة مارشال" بدعم من المؤسسات المالية الأوروبية، وتقوم على تحديد كبرى الشركات التي ترغب في دعم التغيير في شمال أفريقيا. وأكد أن التمويل عبر الاتحاد الأوروبي يتم من خلال البنك الأوروبي للاستثمار، الذي لديه إمكانية دعم دول جنوب البحر المتوسط بأكثر من 12 مليار يورو للتنمية. وأضاف أن إسبانيا ستمنح تونس قروضا بفوائد منخفضة بقيمة 300 مليون يورو خلال السنوات الثلاث المقبلة. وأعرب رئيس الحكومة الإسبانية عن ثقته في أن تمتد الثورة التونسية لجميع دول المنطقة، وقارن هذا "التوقيت التاريخي" بسقوط أنظمة أوروبا الشرقية. وشدد: "الشعب الإسباني يرغب في دعم حكومته للتغيرات الديمقراطية في العالم العربي منذ البداية، ولهذا فأنا موجود هنا". وبسؤاله حول دعم بلاده للجزائر والمغرب، البلدين الأكثر قربا من إسبانيا، قال إن جميع الشركاء الأوروبيين مستعدين لدعم الإصلاحات التي يدافع عنها المواطنون، لكنه دعا لتجنب فهم هذا التصرف بأنه "رغبة في التدخل". وأضاف ثاباتيرو أن التونسيين عليهم أن يكونوا هم من يختاروا كيفية الانتقال نحو الديمقراطية، واعتبر أن الدين سيكون له دورا اساسيا، لكن في الاطار الخاص، داعيا تونس للابقاء على الدولة علمانية لتحقيق ديمقراطية دائمة. كما دافع عن دور المرأة في تونس، مناشدا بضمان المساواة بين الجنسين وتجنب العنصرية. وعرض ثاباتيرو التوقيع على اتفاق اقتصادي واجتماعي للحكومة مع النقابات ورجال الأعمال التونسيين. ومن جانبه قال السبسي: "إسبانيا بلد صديق منذ العديد من القرون، ومازال صديقة اليوم ونأمل في أن تقف بجانبها في المستقبل".