لم تبق وثائق ويكيلكيس على أخضر ولا يابس في العلاقات الدولية، وما سيأتي منها، في حال عدم الحيلولة دون وصوله إلى الرأي العام يعد بالمزيد، وفي هذا الإطار كشفت وسائل إعلام إسبانية بناء على وثائق دبلوماسية أمريكية سربها هذا الموقع أن قطر تستخدم قناة الجزيرة الفضائية "كأداة مساومة" في مفاوضاتها مع بعض الحكومات الأخرى، التي تعرض عليها وقف انتقاداتها لها مقابل الحصول على امتيازات هامة. وحسبما نشرت صحيفة "جارديان" البريطانية، فإن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، التي تمول حكومته قناة الجزيرة، رفض طلبا من الولاياتالمتحدة للتأثير عليها من أجل تلطيف انتقاداتها وتقاريرها. وفى فبرايرالماضي أبلغت السفارة الأمريكية في الدوحةواشنطن أن "العلاقات (بين قطر والسعودية) تتحسن بصورة عامة بعدما لطفت قطر من انتقاداتها للأسرة المالكة السعودية على قناة الجزيرة". يذكر أن القناة الإخبارية التي افتتحت في عام 1996 وأصبحت القناة الأكثر مشاهدة في الشرق الأوسط، تعمل بشكل استقلالي إلا من وجهة نظر الدبلوماسية الأمريكية التي ترى أن حكومة قطر تعتد بالقناة كاحدى أهم الأدوات السياسية والدبلوماسية. وذكرت احدى الوثائق التي أرسلها السفير الأمريكي في الدوحة، جوسيب ليبارون، أن رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم آل ثاني، قال في مقابلة معه على سبيل المزاح أن قناة الجزيرة أصابت الحكومة بصداع في الرأس وكان من الأفضل بيعها. وقال السفير في نفس الرسالة ان "قدرة الجزيرة على التأثير في الرأي العام بالشرق الأوسط تعد بنفس القدر من الأهمية بالنسبة للحكومة القطرية التي تستخدمها ايضا كأداة للمساومة والتي من الصعب ان تتنازل عنها". وفي وثيقة أخرى، قال الشيخ حمد للسيناتور الأمريكي جون كيري إنه عرض على الرئيس المصري حسني مبارك صفقة تتضمن وقف ما يذاع ضد مصر لمدة عام بشرط أن تبدل القاهرة موقفها من المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية لتبحث عن حل دائم للقضية الفلسطينية، إلا أن الرئيس المصري لم يرد على هذا العرض، بحسب الوثيقة ذاتها. ومن جانبها نفت الجزيرة تلك الاتهامات وقالت "إنها تعبر عن رأي السفارة الأمريكية وهي بعيدة تماما عن الحقيقة، ورغم أن الضغوط التي تتلقاها من قبل الحكومات الاقليمية والدولية كبيرة، إلا أنها لم تغير أبدا من سياستها التحريرية الشجاعة، التي تقود مبادئ الصحافة الحرة"، حسب احد المتحدثين باسم القناة العربية. ويذكر أن آخر فصول النزاع مع الخط التحريري للجزيرة قادتها الحكومة المغربية، والتي اعتبرت أن الخط التحريري لها يمس بالوحدة الترابية للمغرب، وتم إغلاق مكتب قناة الجزيرة في الرباط وسحب اعتمادات الصحفيين العاملين فيه. كما أن وسائل الإعلام المغربية شنت هجوما ضاريا على القناة، على اعتبار أنها "انتقائية" في النقد و"الرأي والرأي الآخر"، حيث لا ينطبق تعاملها "المهني" على قطر، والأسرة الحاكمة فيها نزاعاتها على السلطة، ولا على خلافاتها الحدودية ولا مشاكلها الاجتماعية، وهي المعايير التي تتبعها في التعامل مع باقي الدول، وهو ما تسبب في إغلاق القناة في أغلب الدول العربية.