في تطبيق بارع لمبادئ عقيدة السياسة الواقعية، استقبلت الحكومة الإسبانية "المتعاطفة مع القضايا العربية" وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، وسط برود إعلامي يوحي بستر الفضيحة، غداة أحداث "هبة القدس" والتي أسفرت عن إصابة زهاء 80 شخصا واعتقال العشرات من الفلسطينيين، احتجاجا على المخططات الاستيطانية لحكومة نتنياهو الاستئصالية. وقد وقعت وزيرة الدفاع الإسبانية كارمي تشاكون ونظيرها الإسرائيلي إيهود باراك، على "مذكرة تفاهم" لدعم التعاون العسكري الثنائي، والذي سيساعد بموجبه على تطوير مشروع التعاون في مجال الدفاع. وقد اجتمع الوزير الإسرائيلي اليوم مع تشاكون بعد اجتماعه ووزير الخارجية ميجل أنخل موراتينوس وقبل لقائه برئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو. وذكر بيان لوزارة الدفاع الإسبانية أن تشاكون نقلت لباراك حرص إسبانيا على إحلال السلام في الشرق الأوسط، وضربت مثلا بمشاركة مدريد في القوات الدولية لحفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل). من ناحية أخرى وفي إطار الرئاسة الإسبانية الحالية للاتحاد الأوروبي، أوضحت الوزيرة أن مدريد مستعدة لدفع العلاقات بين تل أبيب وأوروبا عبر الاتحاد من أجل المتوسط. وبالمثل عولت على تقدم العلاقات بين إسرائيل وحلف شمال الأطلسي (ناتو) في إطار برنامج الحوار المتوسطي. وكان الناتو قد أنشأ برنامجا للحوار المتوسطي التي تشارك فيها 27 دولة من الناتو وسبعة من الضفة الجنوبية للمتوسط هم (مصر والجزائر وإسرائيل والأردن وموريتانيا وتونس) بهدف دفع الأمن والاستقرار بالمنطقة. وهكذا تبين السلطات الصهيونية عن مدى إتقانها للعبة الأمر الواقع، وقدرتها على امتصاص الغضب الدولي المتصاعد ضد سياسات حكومتها اليمينية المتطرفة. كما تبين أيضا حجم الخضوع الدولي لمتطلباته، فلا أحد، حتى الولاياتالمتحدة، قادر على اتخاذ إجراء واحد ملموس في حقها، في حين يتنافس الكل، بما فيهم العرب أنفسهم ويجتهدون في إحكام الطوق على ساكنة غزة. وصمت اليسار الإسباني ايضا في وجه الزيارة غير مفهوم، مقابل "القمة" الموازية لقمة غرناطة قبل أسبوعين، فأين هي الحمية "الإنسانية" ياترى؟