وسط ما يعيشه العالم من وباء عالمي فيروس كورنا يستهدف البشر وينتشر بكثرة في كل أنحاء العالم، تطل علينا اليوم 30 مارس 2020 ذكرى يوم الأرض الفلسطيني، هذه الأرض التي تقف بكل صلابة وقوة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقها وحق ترابها وأشجارها وهوائها ونسيمها وأجواء، ويسعى ليل نهار لسرقة كل شبر من أرضنا المباركة. إن أرضنا الفلسطينية تمثل بؤرة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يعمل ليل نهار بهدف تهويدها وتخريبها وتهجير أهلها لتصبح يهودية خالصة للصهاينة. تمثل أرض فلسطين لنا ولكل عربي غيور ومحب لفلسطين – تمثل عبق الفؤاد، وقوة الثبات والصمود .. نعشق هذه الأرض .. نعشق هواءها، وتنسم ربيعها وعبيرها، وتمنحنا شمس فلسطين دفئًا لا يشبهه أي دفء.. فهي الوطن والموطن و الملتقى و الموعد بالنصر والحرية. تمر علينا الذكرى يوم الأرض الفلسطيني، الخالدة في قلوبنا وعقولنا، ومحفورة بالدم في ذاكرة الشعب الفلسطيني العربي، تعيدنا الذكرى إلى تاريخ 30/3/1976م، يوم أن خرج الفلسطينيون في هبة جماهيرية كبيرة في أراضي ال(48) يرفضون سياسات الاحتلال الإسرائيلي في سرقة الأراضي وتهويدها؛ في ذلك التاريخ سرق الاحتلال الإسرائيلي قرابة 21 ألف دونم من أراضي الجليل، منها عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد وغيرها، وذلك لإقامة المزيد من المستوطنات في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه الفلسطينيين، ضمن السياسة الصهيونية لتهويد أرض الجليل. أرض فلسطين تمثل أهمية كبيرة للصهاينة، ويحرصون حرصًا شديدًا على استمرار الاستيطان، وقد ظل الصهاينة يرددون شعار: “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، ويعملون على تحقيقه، فبدؤوا يرسمون الخطط الخبيثة للسيطرة على أرض فلسطين، في إطار سعيهم الدؤوب منذ المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة (بال) السويسرية عام 1879م للحصول على وثيقة ضمان دولية من الإمبراطورية العثمانية، تمنحهم أرض فلسطين وطنًا قوميًّا لهم، حيث أقر المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897م الذي حضره المئات من اليهود خطط الصهاينة لاحتلال أرض فلسطين، ودعا مؤسس الحركة الصهيونية (تيودور هرتسل) إلى البحث عن الوسائل المثمرة التي يجب أن تتخذ للنهوض بالحركة الصهيونية، والعمل على إنشاء قرى ومستعمرات خاصة لليهود تكون حائزة الحقوق العمومية في أرض فلسطين. نكتب عن أرض فلسطين وتشتاق عيوننا إلى رؤية سهولها وهضابها وجبالها وطرقاتها ومقدساتها، نشتاق إلى أن نعيش ربيعها وشتاءها وصيفها، ونتنسم رحيق أزهار، نكتب عن أرضنا البهية وقلوبنا تعتصر ألمًا لما يحدث يوميًّا من تهويد واستيطان ومواصلة بناء جدار الفصل العنصري، لتحويل مدن الضفة المحتلة إلى (كانتونات) متفرقة، نتحدث عن الأرض ومازالت الهجرات الصهيونية متواصلة على أرضنا المباركة ضمن مخططات الكيان العبري للسيطرة على المزيد من أرضنا المباركة. إن تاريخ أرض فلسطين يسطر بأحرف من نور رفض السلطان العثماني عبد الحميد الثاني طلب اليهود الصهاينة منحهم أرض فلسطين وطنًا لهم، قائلًا: “انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع؛ فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه”. ذكرى يوم الأرض الفلسطيني تبعث في النفوس الكثير من الشجون، والآلام، والحرقة على أرض فلسطين التي تضيع يومًا بعد يوم، بفعل جرائم ومخططات الاحتلال الاستيطانية حيث تزيد عدد المستوطنات في كل عام ويزداد أعداء المستوطنين على أرضنا المباركة، ولا يحسب العدو أي حساب للمواثيق والمعاهدات الدولية أو المناشدات والاستنكارات الأممية والعربية بل يواصل جرائمه بحق الإنسان والأرض الفلسطينية . إلى الملتقى. د. غسان مصطفى الشامي فلسطين