عبّر عشرات الأساقفة خلال نقاش سينودوس الأساقفة الكاثوليك من خشيتهم وتخوفهم من الحركات الاسلامية، واجتمعت الآراء حول فكرة ان متطرفي الاسلام "يستغلونه" خلافا لقيمه الحقيقية التي تشدد على رحمة الله واحترام الحياة. وشكلت مسائل التعايش مع الاسلام واعتناق المسيحية بعيدا عن الانظار وعنف الحركات الاسلامية والخشية من هيمنة اسلامية، ابرز مواضيع النقاش في سينودوس الاساقفة الكاثوليك الذي انهى اعماله الاثنين في الفاتيكان. وكما لم يحصل ابدا في سينودوس سابق، عبر عشرات الاساقفة الذين اتوا من الشرق الاوسط ومن كل انحاء افريقيا واوروبا عن هواجسهم ووجهوا احيانا نداءات حقيقية يشوبها القلق. وادى هذا القلق الى وقوع الحادث الوحيد في السينودوس عندما عرض الكاردينال الغاني بيتر توركسون في غياب البابا شريط فيديو موجودا على شبكة الانترنت بعنوان "ديموغرافيات اسلامية". وينبىء هذا الشريط، بهيمنة الاسلام على اوروبا في نهاية المطاف، بسبب نسبة الولادات البالغة الارتفاع لدى المسلمين. وتعرض هذا الكاردينال الافريقي لانتقادات عدد كبير من الكرادلة الاخرين، فاضطر الى تقديم الاعتذار. لكن اسقفا المانيا دافع عن هذا الفيلم آخذا على البعض تعاميهم عن "مشكلة لا يريدون رؤيتها". وشكل الكرادلة الافارقة من نيجيريا ومالي ومن بلدان الجنوب، ظاهرة جديدة الى حد ما، بتعبيرهم عن هواجسهم، معتبرين ان التعايش الجيد مع اكثرية من المسلمين مهدد بالحركات الاسلامية السلفية الممولة من الخارج. فقد انتقد اسقف دار السلام الواسع النفوذ، التنزاني بوليكاري بينغو المجموعات الاصولية غير المستعدة للقبول بحقيقة تتناقض مع "افكارها المسبقة". وفيما دعا البابا الشهر الماضي في لبنان الى التعايش في اطار من الاحترام بين المسيحية والاسلام المعتدل، يرى الاساقفة ان الربيع العربي يعتبر في العالم الاسلامي فرصة وتهديدا في آن. فهو فرصة، كما يقول البعض منهم، لأن شبانا مسلمين اطلعوا اطلاعا وافيا على المسيحية عبر الشبكات الاجتماعية والشبكات التلفزيونية، قد اعتنقوا لتوهم المسيحية بعيدا عن الانظار او نبذتهم عائلاتهم او يعرضون احيانا حياتهم للخطر. وقال المونسنيور بول ديفارغ اسقف قسنطينة (الجزائر) "شيء ما يحصل في الربيع العربي: بات البعض غير راض عن خطاب المساجد. يريد شبان ان يؤمنوا بحرية، وان يتمتعوا ايضا بحرية الا يؤمنوا". لكن الربيع العربي تهديد ايضا. فقد قدم اساقفة من سوريا والعراق ومصر وباكستان شهادات مؤثرة. وقال اسقف اسيوط للاقباط المونسنيور كيريلوس ويليام اننا نشهد في مصر "خطة جديدة لأسلمة مؤسسات الدولة، ويعتبر المسيحيون مواطنين من الدرجة الثانية، وتزرع الكراهية ضدهم في المدارس". واعرب الاسقف السوري جوزف عبسي عن اسفه لعجز كثر من المسلمين "عن تمييز المسيحيين عن الغربيين" المتهمين بكل المساوىء. وشكر اسقف لاهور المونسنيور فرنسيس شاو للبابا والكنيسة وقوفهما الى جانب "رعيته الصغيرة" وشكر لهما ايضا مواقفهما لمصلحة المسيحيين المتهمين بالتجديف. وقال عدد كبير من الاساقفة في السينودوس ان متطرفي الاسلام "يستغلونه" خلافا لقيمه الحقيقية التي تشدد على رحمة الله واحترام الحياة، مؤكدين ان اكثرية المسلمين يتسمون بالتسامح. لكن رئيس المجمع الاسقفي للحوار بين الاديان جان-لوي توران قال ان "موضوعا محرما" يجعل الحوار بالغ الصعوبة، وهو ان اي مسؤول ديني مسلم ولاسيما المعتدلون منهم، "لا يقبل بادراج حرية الاختيار او تغيير الديانة في نص قانوني". وتذكر المقترحات التي سلمت الى البابا بأهمية وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني "الكرامة الانسانية" المتعلقة بهذه الحرية الاساسية، ويقترحون انشاء هيئة مؤلفة من اساقفة العالم اجمع مهمتها التصدي للانتهاكات التي تتعرض لها.