لو أن مسؤولا حكوميا في أية دولة ديمقراطية، أو على الأقل أية دولة تحترم نفسها، قام باستغلال منصبه وأموال الهيئة التي يسيرها للترويج لمشروع خاص به لتم عزله من منصبه وتقديمه مباشرة للمحاكمة. ولكن عندما يتعلق الامر بالمغرب وبمسؤول اسمه عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج فلا تستغرب من عدم حدوث شيء من هذه الأمور. عبد الله بوصوف خط كتابا خاصا به تحت عنوان “الإسلام والمشترك الإنساني” وقام بترجمته الى عدة لغات من بينها الاسبانية. وبطبيعة الحال “الحبة والبارود على ظهر المخزن” كما يقول المثل المغربي أو بالعربي الفصيح دافعو الضرائب في المغرب وكذا في دول المهجر هم من سيتحملون مصاريف الطبع والترجمة والتسويق لهذا الكتاب. مستوى الكتاب، من الناحية العلمية، جد متوسط ولا يحمل أية رؤية استشرافية ولا يطرح أية استراتيجية لتسخير “المشترك الإنساني” لتقديم الاسلام على الوجه السليم في دول الغرب كما يدعي الكاتب، بل هناك كتب وابحاث أكثر عمقا وأكثر جدية ومع ذلك لم تتحمل الدولة عناء مساعدة أصحابها على ترجمتها الى لغات اجنبية والترويج لها وذلك لكونهم ليسوا “سوى مفكرين” وليست لهم اليد الطولى داخل أجهزة الدولة كما هو الشأن بالنسبة لعبد الله بوصوف. بوصوف وفِي استغلال واضح لنفوذه كأمين عام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وحسب وثيقة رسمية تحصلت عليها “أندلس برس”، قام بمراسلة سفيرة صاحب الجلالة في مدريد كريمة بنيعيش لدعوتها لحضور لقاءات خاصة لتقديم النسخة الاسبانية لكتابه “الإسلام والمشترك الإنساني” في مدريد كما قام بمراسلة عدة مؤسسات إسبانية رسمية لنفس الغرض.
في غياب أية سلطة للبرلمان على ما يسمى بمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج وعلى مؤسسات عديدة على شاكلته، سيواصل بوصوف وامثاله العبث في أموال الشعب المغربي. للتذكير فقط. بوصوف هذا الذي يدعي الدفاع عن قيم الاسلام من خلال مخطوطه، خلق ضجة قبل أسابيع فقط بعد ان هاجم رؤساء الجمعيات الدينية المغربية في أوروبا وبخس عقودا من جهود أفراد الجالية المغربية وتضحياتهم الكبيرة لبناء المساجد ومدارس تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية.