كشف تفكيك شبكة "حركة المجاهدين في المغرب"، التي أعلنت وزارة الداخلية، أخيرا، أنها خططت ل "تنفيذ مشاريع إرهابية"، عن استمرار محاولات إدخال الأسلحة للبلاد بهدف زعزعة استقرار المغرب. وتظهر المعطيات المتوفرة حول هذه الشبكة المفترضة أن هناك علاقة متشعبة تربط الموقوفين بتنظيمات دولية متطرفة، في مقدمتها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي فشلت لحد الآن في التحرك بعيدًا عن أعين الأمن. فبعد أسلحة "شبكة عبد القادر بلعيرج"، التي اتهمت بمحاولة اغتيال شخصيات سامية واختراق الأحزاب، وخلية "أمغالا"، التي ضبط بحوزة عناصرها كمية مهمة من الأسلحة، جاء الدور على "حركة المجاهدين في المغرب"، التي يتوقع أن يبرز التحقيق مع المتهمين بالانتماء إليها عن سلسلة جديدة من حلقات "مسلسل القاعدة" المتواصل في البحث عن منافذ لإدخال أسلحة بغرض تنفيذ عمليات نوعية فوق تراب المغرب. ورغم أنه لم يتأكد بعد ما إذا كان لأفراد الشبكة علاقات مع الأحزاب، كما كان عليه الحال في قضية "عبد القادر بلعيرج"، التي أوقف ضمنها قياديون سياسيون، قبل أن يجري الإفراج عنهم بعد قضاءهم مدة في السجن، إلا أن تقارير إعلامية تحدثت عن هذا المعطى، الذي ما إذا صح فعلا فإن الأجهزة الأمنية ستكون أمام تحد خطير في عمل المنظمات الإرهابية. وفي هذا الإطار، قال محمد ضريف، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن "هذه الحركة حاولت إدخال السلاح للقيام بعمليات تخريبية في المغرب"، حسب ما جاء في بلاغ لوزارة الداخلية، مشيرا إلى أنها "كانت لها صلات وثيقة بتنظيمات إرهابية دولية، أبرزها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وذكر محمد ضريف، في تصريح ل "إيلاف"، أن "هذه الحركة تأسست سنة 1984، وكان بعض أعضائها منخرطين في الشبيبة الإسلامية، التي كانت بنيتها آنذاك تضم جناحين الأول دعوي، والثاني عسكري، وهو الجناح الذي كان مسؤولا عن اغتيال الزعيم اليساري عمر بن جلون"، في سنة 1975. وأشار الأستاذ الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية إلى أن حدوث تصدعات داخل الشبيبة الإسلامية، التي يتزعمها عبد الكريم مطيع، الذي يعيش في ليبيا، أفضى إلى انشقاق عبد العزيز النعماني، الذي كان يتزعم الجناح العسكري، قبل أن يؤسس سنة 1984 "حركة المجاهدين في المغرب". وأوضح محمد ضريف أنه "في تلك الفترة ضبطت مصالح الأمن مجموعتين تنتميان للحركة، الأولى تسمى مجموعة 71 والثانية مجموعة 26، كما اختفى زعيمها عبد العزيز النعماني، الذي قيل بأنه قتل"، مبرزا أن "الحركة، بعد ذلك، ظلت سرية ومن قادتها المعروفين محمد النكاوي، الذي عاد للمغرب من فرنسا، في بداية التسعينات، بهوية مزورة إلى أن اعتقل بعد أحداث 16 أيار/ مايو الإرهابية، وأدين ب 20 سنة سجنا". من جهته، قال سعيد لكحل، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن "معطى وجود علاقة للموقوفين مع الأحزاب لم يتأكد بعد، لكن في حالة ما إذا كان صحيحا سيكون الثاني من نوعه بعد خلية بلعيرج، التي كشفت التحقيقات عن مخططها لاختراق المجال السياسي عبر تنظيم حزبي يعمل في إطار قانوني". وأضاف سعيد لكحل، في تصريح ل "إيلاف"، "لا شك أن هذا المخطط يشكل خطورة على المشهد السياسي بحيث سيمس بمصداقية الأحزاب، كما سيشكل خطرا على أمن واستقرار المغرب، لأن الإرهابيين سيستغلون إطار الحزب للتحرك العلني وولوج المؤسسات دون رقابة، بل والوصول إلى المسؤولين دون عناء. وهذا في حد ذاته خطر جسيم لأن الإرهابي يمكنه استهداف أي مسؤول في الدولة، كما يمكنه استهداف أي مرفق عمومي. لكني أستبعد نجاح هذا المخطط على اعتبار أن الأحزاب مسؤولة عن منح العضوية ومراقبة أعضائها". يشار إلى أن من بين الموقوفين ضمن هذه الشبكة عمر النكاوي (شقيق محمد النكاوي)، الذي يوصف بأنه زعيم الحركة. وكان بلاغ وزارة الداخلية أكد أن لزعيم هذه الشبكة "ارتباطات بمنظمات وجهات إرهابية دولية، وتمكن من إدخال كمية من الأسلحة إلى المغرب بتواطؤ مع أفراد موالين لهذا التنظيم قصد استعمالها في تنفيذ مشاريعهم الإرهابية". وأضاف البلاغ أن زعيم "حركة المجاهدين في المغرب المتورط في قضايا متعلقة بالإرهاب، والمس الخطير بالأمن الداخلي للمغرب، مطلوب على ذمة هذه القضايا لدى السلطات المغربية منذ 2003، وأنه موضوع بحث دولي منذ 2010".