بعيدا عن كل التوقعات، لم يكن لخطاب ذكرى ثورة الملك والشعب، أية استمرارية لخطاب عيد العرش الأخير، ولم يكن لمضمونه أية بإعلان حالة الاستثناء، التي أثارت الكثير من الجدل مؤخرا. حيث تطرق الخطاب الملكي، مساء اليوم، لتوجه المغرب نحو افريقيا، ودور الجولات الملكية في ذلك، وغيرها من القضايا المرتبطة بعودة المغرب الى أسرته الافريقية. في هذا السياق، يرى الباحث في الشؤون السياسية، رشيد لزرق، في تعليقه على عدم تطرق الملك محمد السادس، للقضايا الداخلية وفي مقدمتها قضية حراك الريف، أنه في إعتقاده "لم يتطرق لأزمة المشهد السياسي، لأن ذلك سيكون في الأيام القليلة القادمة"، وفق تعبيره. من جهته، أكد أشرف مشاط، نائب رئيس المركز المغربي للدراسات القانونية والسياسات العمومية، في تصريح ل"أندلس برس"، أنه يمكن اعتبار الخطاب الملكي لثورة الملك و الشعب "خطاب الاستمرارية لخطاب السنة الفائتة، و هو من الجيل الجديد للخطب الملكية التي اصبحت مواكبة للأحداث سواء الداخلية او الخارجية". في نفس السياق، يرى الصحفي والمحلل السياسي، يونس دافقير، أن "في خطاب العرش الأخير جملة تقول " لم أتحدث عن افريقيا والصحراء" رغم أن السنة مليئة بالانتصارات في هذآ الملف. لذلك طبيعي ان يخصص الخطاب كاملا لهذا الموضوع. ومنذ بضع سنوات توزع الأدوار بين خطاب العرش الذي يخصص للسياسة الداخلية وخطاب 20 غشت الذي يتناول الانشغالات الخارجية للمغرب". وعودة لأهم ما جاء في الخطاب الملكي، فقد شدد الملك محمد السادس، على أن توجه المغرب نحو إفريقيا لم يكن قرارا عفويا، ولم تفرضه حسابات ظرفية عابرة، بل هو وفاء لهذا التاريخ المشترك، وإيمان صادق بوحدة المصير، كما أنه ثمرة تفكير عميق وواقعي تحكمه رؤية استراتيجية اندماجية بعيدة المدى، وفق مقاربة تدريجية تقوم على التوافق. وأوضح جلالته، أن المغرب لم ينهج يوما سياسة تقديم الأموال، وإنما اختار وضع خبرته وتجربته، رهن إشارة إخواننا الأفارقة، لأننا نؤمن بأن المال لا يدوم، وأن المعرفة باقية لا تزول، وهي التي تنفع الشعوب. وشدد الملك، أن الأفارقة "يدركون حرصنا على بناء شراكات مثمرة معهم، تقوم على استثمارات وبرامج تنموية مضبوطة، بين القطاعين العام والخاص، في الدول المعنية"، مشيرا إلى أن "الذين يعرفون الحقيقة، ويروجون للمغالطات، بأن المغرب يصرف أموالا باهضة على إفريقيا، بدل صرفها على المغاربة، فهم لا يريدون مصلحة البلاد". فتوجه المغرب إلى إفريقيا، يضيف جلالته، لن يغير من مواقفنا، ولن يكون على حساب الأسبقيات الوطنية. بل سيشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وسيساهم في تعزيز العلاقات مع العمق الإفريقي.