لعل الواقع الملموس الذي اتضحت معالمه يدفعنا جميعا للجهر بحقيقة أن المرحلة تستلزم الفعالية لإنقاذ البلاد والعباد من الظرفية العصيبة الراهنة. فهل أقلام " الجبهة التسلطية للدفاع عن القيادات الحزبية الشعبوية " واعية بما يقع حولها ؟! أم أنها لازالت لم تتحرر من نرجسية المصلحة الشخصية التي عجلت بتفاقم الأزمة و التي تقودنا نحو "العروض السياسية الفاشلة " . لذلك فالحلول العملية والتي من المفيد للأغلبية الحكومية و معها المعارضة البرلمانية الوعي بإلزاميتها، تتأرجح بين إجرائين اثنين : يتلخص الإجراء الأول في توسيع الجهاز التنفيذي حكومة " وحدة وطنية " هدفها الأساسي تجاوز المشاكل الراهنة ، وذلك بضم المعارضة البرلمانية وإشراكها السياسي في تدبير هذه الأزمة. غير أن الأحزاب المعنية بالأمر و مع انعدام روح الوفاق الوطني بينها أصبحت عقبة حزبية أمام تشكيل فريق " الحكومة الفعالة ". لم يستوعب دهاقنة التحريض الحزبي أن تسيير أمور الدولة لا يقوم على سياسة المعادلة الصفرية ، كما أن الالتزام الإيديولوجي لا يمنع من التوافق مع المعارضة في ميدان الصراع السياسي، لكي لا يتطور الاحتكاك إلى دارة قصيرة تعمل على إفراز تيار البلوكاج الدستوري و العجز الواضح عن التوصل لحل المشاكل و الاختناقات المجتمعية، في حين تتمادى النخب الحزبية في التهرب من المسؤولية السياسية مع اختلاق المزيد من المبررات والمسوغات الواهية . مما يجعل من المرور للإجراء الثاني من خلال تطبيق الفصل 59 من الدستور صمام أمان للأمن القومي المغربي لأنه الحل الفعال لتدبير المرحلة الدقيقة من الأزمة التي أفرزها تهاوي منسوب الثقة الشعبية في القيادات الحزبية الحالية الرافضة للمطلب الشعبي و المؤسساتي المتجسد في ضرورة تحيين مشاريعها و تجديد نخبها ، و التحول من زمن قيادات المزايدات الى زمن قيادات المنجزات في أفق ضمان كفاءات حزبية قادرة على ممارسة السلطة بعيدا عن سلوك المخاثلة السياسوية التي تعرقل الممارسة الدستورية القائمة على ربط المسؤولية بالمحاسبة، حسب ما ينص عليه دستور 2011 ، خاصة مع اقتراب ساعة كشف نتائج التحقيق في واقعة الحسيمة . و بالتالي فالتطبيق الفعال لأحكام الفصل 59 من الدستور يضمن لرئيس الدولة إمكانية الإعلان عن حالة الاستثناء . لأن فشل الاحزاب في عقد مؤتمرات إستثنائية لترميم أوضاعها الداخلية المترهلة و إستعادة المصداقية الشعبية و الأهلية القانونية ، يجعل من مطلب الأقلام الداعية إلى إعمال أحكام الفصل 51 من الدستور و الدفع في اتجاه انتخابات استثنائية مبكرة مجرد مبادرة تضليلية تنطلق من جهل لموطن الخلل المؤسساتي و غفلة عن التكلفة المالية الضخمة لتطبيق هذا الفصل من الدستور، فإعادة الانتخابات له تكلفة مالية على ميزانية الدولة حوالي 600 مليار ، و هو إجراء فيه تجاهل كبير لإمكانية الدولة المالية ، و على النقيض منه نجد أن إعمال أحكام الفصل 59 من الدستور له ثقل مالي أخف بكثير و يقينا شر " جريمة " تبذير المال العام لتزكية نفس النخب السياسية الفاشلة و الفاقدة للثقة التي تحاول الهروب الى الأمام و الالتفاف على روح الدستور . تبعا لكل ما سبق نجدد التأكيد على أن الإعلان على حالة الاستثناء هو إجراء دستوري يدخل ضمن الاختيارات العديدة المتاحة لرئيس الدولة و التي أوكلها له نص و روح الدستور ، و يمكن أن يشكل الضمانة المؤسساتية لصيانة الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور . و منه فالمبادرة الدستورية من أجل الشعب تعتمد على ثلاثة إجراءات دستورية متكاملة قد تشكل مخارج قانونية لإنهاء حالة فشل المنظومة الحزبية في التعامل مع تحديات ورش الاندماج الافريقي للمغرب ومع التعامل مع المطالب الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية في مختلف الأقاليم المغربية وفق مقاربة جديدة. و هي كالتالي : 1 –الإعلان عن حالة الاستثناء وفق الضوابط القانونية التي يضمنها الفصل 59 من الدستور ثم إقالة حكومة سعد الدين العثماني و تشكيل " حكومة الفعالية " برئاسة شخصية من خارج أحزاب الأغلبية و المعارضة تعتمد الكفاءة و ثقافة الانجاز القادرين على إحقاق البعد التنموي و الحقوقي للتعاقد الدستوري. 2 – الإعلان عن تشكيل المجلس الاستشاري للشباب و العمل الجمعوي و إخراجه لحيز الوجود قصد استكمال البناء المؤسساتي الدستوري و تنزيل مفهوم الديمقراطية التشاركية التي جسدها الفصل 33 من التعاقد الدستوري. 3 – تطبيق أحكام الفصل 40 من الدستور التي تفرض على الجميع أن يتحملوا، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد. *شاعر ورئيس جمعية الاختيار الحداثي الشعبي