تتخوف أوساط اسبانية من الانعكاسات السلبية على مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين نتيجة المشاريع التي يقوم بها المغرب في منطقته الشمالية. في هذه السياق أوردت جريدة مغربية أن التخوف ناتج عن التدخل الكبير للجيش الإسباني في سياسة حكومة مدريد تجاه الرباط وترويجه للأطروحة القديمة ‘الخطر القادم من الجنوب'. ومنذ إعلان المغرب عن تشييد الميناء المتوسطي في مضيق جبل طارق، تقوم أوساط سياسية وإعلامية بتأويل هذا المشروع الاقتصادي العملاق بأنه موجه للقضاء على اقتصاد مدينة سبتة بحكم أنه يوجد على بعد 30 كلم من هذه المدينة. وبدأت تتكرر الأطروحة نفسها في الأوساط الإعلامية والسياسية الإسبانية بعد تدشين الملك محمد السادس خلال الأسبوع الماضي مشاريع اقتصادية متعلقة بالبنيات التحتية في شمال شرق البلاد ومن ضمنها توسيع ميناء مدينة الناضور ومشاريع سياحية في المنطقة. ونظرا لقرب هذه المشاريع التي جرى تدشينها مؤخرا من مدينة مليلية المتنازع حول سيادتها، فمجددا جرى اعتبارها بمثابة تضييق اقتصادي على هذه المدينة. وكان رئيس حكومة الحكم الذاتي في مليلية، خوان خوسي إمبرودا قد صرح خلال الأيام السابقة أن حكومة مدريد ملزمة ومطالبة بتوسيع ميناء مليلية، مؤكدا أن ‘توسيع المغرب لميناء الناضور عمل يضر باقتصاد مليلية، حيث سيصبح ميناء المدينة غير قادر على المنافسة'. يذكر أن تشييد المغرب لموانئ جديدة قرب سبتة ومليلية يعطي للتنافس الجيواستراتيجي بين الرباطومدريد بعدا جديدا في غرب البحر الأبيض المتوسط. وارتفعت وتيرة المقالات والتقارير سواء الإعلامية أو تلك الصادرة عن معاهد الدراسات الاستراتيجية وكلها تفيد بأن تركيز الرباط على تطوير منطقة شمال المغرب يأتي للقضاء على التهريب من سبتة ومليلية نحو المدن المغربية، إذ أن القضاء على التهريب يعني مغادرة الإسبان للمدينتين مستقبلا. ويبدو أن هذه الأطروحة، أي اعتبار المغرب خطرا اقتصاديا على اسبانيا، تتبلور بقوة وأصبحت ضمن الأحكام المسبقة في المخيلة السياسية الإسبانية. وبدأ هذا الوضع يثير قلق المغرب. في هذا الصدد، عكست جريدة ‘أوجوردوي لوماروك' في عددها الصادر في نهاية الأسبوع الماضي هذا القلق الممزوج بالغضب، حيث اتهمت الجيش الإسباني وجهاز المخابرات في افتتاحية لها بالسعي نحو عرقلة تطور العلاقات المغربية-الإسبانية. وانتقدت الجريدة تغليب الإسبان لمنطق الخوف والتوجس بدل التفكير بمنطق التكامل الاقتصادي بين البلدين. وأبرزت الجريدة الناطقة بالفرنسية في مقال آخر أنه منذ تعيين جنرال عسكري كمدير للمخابرات العسكرية وهو فيليكس سان رولدان السنة الماضية بدأت المشاكل تهيمن على العلاقات بين الرباطومدريد. وأشارت إلى أن هذا التعيين جاء بضغط من الجيش مما يؤكد عودة هيمنة المؤسسة العسكرية على مقاليد السلطة بطريقة غير مباشرة. وفي الوقت ذاته، تتهم الجريدة مدير المخابرات بأنه حمل معه الهواجس التاريخية التي تقول أن المغرب هو مصدر الخطر أو ‘الخطر القادم من الجنوب'، وهي الهواجس التي سيطرت على حكومة خوسي ماريا أثنار في أيلول/سبتمبر من سنة 2000 وأدت إلى نتائج لا تحمد عقباها من توتر شديد في جميع المجالات. وتنهي الجريدة مقالها بأن العلاقات بين مدريدوالرباط وبسبب الجيش الإسباني بدأت تشهد تقهقرا وتراجعا لا يصب في مصلحة البلدين.