قدمت الجزائر أداءاً رجولياً فرضت من خلاله التعادل على إنكلترا 0-0 في المباراة التي جرت يوم الجمعة على ملعب “غرين بوينت” في كايب تاون في ختام الجولة الثانية لمنافسات المجموعة الثالثة ضمن كأس العالم لكرة القدم 2010 الجارية حالياً في جنوب أفريقيا. وكانت سلوفينيا تعادلت مع الولاياتالمتحدة 2-2 في المباراة الأخرى في حين كانت الجولة الأولى أسفرت عن خسارة الجزائر أمام سلوفينيا 0-1 فيما تعادلت إنكلترا مع الولاياتالمتحدة 1-1. بات رصيد الجزائر نقطة واحدة في المركز الرابع للمجموعة في حين رفعت إنكلترا رصيدها لنقطتين في المركز الثالث خلف الولاياتالمتحدة الأميركية بفارق الأهداف، اما الصدارة فسلوفينية بأربع نقاط. وتلعب الجزائر مع الولاياتالمتحدة في الجولة الأخيرة في 23 حزيران/يونيو، في حين تواجه إنكلترا نظيرتها سلوفينيا، وتملك المنتخبات الأربعة حظوظاً متفاوتة في التأهل لدور الستة عشر. عموماً جاء زئير “أشبال” رابح سعدان أقوى بكثير من زئير “الأسود الثلاثة” فأتى الأداء عالياً من الجزائريين الذي فرضوا شخصيتهم وحضورهم على منافسيهم إذ طوّعوا المباراة كما أرادوا في حين كان نجوم ال”بريميير ليغ” في غياب تام وفي مقدمتهم واين روني واميل هسكي وستيفن جيرارد وفرانك لامبارد، ولو تروى رجال سعدان في هجماتهم لكان في اللقاء كلام آخر. لقاء أوّل هذا اللقاء الأوّل من نوعه بين المنتخبين، والسادس عشر لإنكلترا مع منتخب أفريقي علماً أنها سبق وفازت بإحدى عشرة مباراة وتعادلت في أربع دون أن تتلقى أي خسارة. كما كانت هذه المباراة السادسة للأسود الثلاثة مع منتخبات أفريقية في المونديال عموماً، علماً أنها لم تتلق سوى هدفين فقط في هذه اللقاءات جاءا أمام الكاميرون في ربع نهائي مونديال 1990 في إيطاليا حين فاز إنكلترا 3-2. وتابع المنتخب الإنكليزي معاناته أمام المنتخبات العربية إذ فاز بشق النفس على مصر 1-صفر عام 1990 وعلى تونس 1-صفر في فرنسا 1998 وسقط في فخ التعادل أمام المغرب صفر-صفر في مونديال 1986. تعديلات المدربين أجرى رابح سعدان تبدلين بإشراك الحارس رايس وهاب مبولحي مكان الشاوشي كأساسي والشاب رياض بودبوز لاعب شوشو الفرنسي مكان رفيق جبور. من جهته غيّر كابيلو حارس المرمى بإشراك ديفيد جيمس مكان روبرت غرين، كما أنزل غاريث باري العائد من إصابة مكان جيمس ميلنر. تكتيك المنتخبين استهل رابح سعدان المباراة بخطة 3-2-4-1 محاولاً تأمين الخط الخلفي وكسب معركة وسط الملعب كمفتاح للإمساك بالمباراة، وقد أسند قيادة الوسط الهجومي للثنائي كريم زياني- بودبوز في حين لعب كريم مطمور كرأس حربة وتولى مهدي لحسن وحسن يبدا مسؤولية الوسط الدفاعي مع مساعدة من قدير وحليش، وتولى نذير بلحاج مهمة الليبيرو مع مساندة عنتر يحيى على الميمنة ومجيد بوقرة على الميسرة. من جهته لعب المدرب فابيو كابيلو إنكلترا بخطة 4-4-2، مسندا الهجوم للثنائي هيسكي-روني مع تقدم الأول كرأس حربة أساسي فيما أوكل للثاني مهمة المواكبة الخلفية، وقاد الوسط باري ولامبارد وحاول المدرب الإيطالي من خلال هذه الخطة إتاحة المساحة للينون في التحرك بحرية على الجناح الأيمن، أما دفاعياً فتولى الثنائي تيري-كاراغر مهمة القيادة. الشوط الأول انطلقت المباراة دون أي مقدمات أو عقد لا سيما من الجزائريين، وتميزت بالقوة والسرعة والالتحامات البدنية وبدا واضحاً أن كلا الفريقين يبحث عن هدف السبق الذي كاد أن يكون إنكليزياً في الدقيقة 4 حين لعب جيرارد عرضية عشوائية ساقطة كادت أن تخدع الحارس مبولحي قبل أن يسيطر عليها. وفي ظل صراعات مبكرة وكأن التسعين دقيقة غير كافية، طرقت الجزائر مرمى إنكلترا مراراً محدثة إرباكاً واضحاً لا سيما من الناحية اليمنى التي شهدت في الدقيقة 11 عرضية من بو قرة تصدى لها جيمس بقبضته أمام فم المرمى وسط مضايقة من النشط جدا هجومياً كريم مطمور. ومع لفظ الربع الأول أنفاسه كان الوسط الجزائري قد أطبق على لاعبي الأسود الثلاثة المرتبكين وأجبرهم على التقوقع وقد سجل محاربو الصحراء أكثر من محاولة أبرزها كان في الدقيقة 19 مع عرضية من لحسن طار لها زياني مصوباً رأسية أحسن جيمس التعامل معها. بعد 15 دقيقة متواصلة من الحصار العربي والتقهقر الأوروبي، تحركت إنكلترا بعض الشيء وكان لها بعض المحاولات الخجولة باستثناء الدقيقة 33 حين لعب هيسكي كرة عرضية وصلت بالخطأ من الدفاع للامبارد غير المراقب فسدد يسارية أرضية من داخل المنطقة أبطل مفعولها مبولحي بارتماءة ملفتة. الرد الجزائري جاء سريعاً في الدقيقة 35 عبر كريم زياني الذي راوغ جونسون واوجد لنفسه المساحة اللازمة ليصوب من خارج المنطقة كرة قوية أخطأت المرمى الإنكليزي بحوالي المتر. استطاعت إنكلترا في آخر عشر دقائق الاستحواذ بشكل اكبر على وسط الملعب مستفيدة من تراجع الجزائريين بعض الشيء بعد المجهود الخارق الذي بذلوه في أول نصف ساعة، لكن تحركاتهم بقيت عاجزة، فكان التصويب الحل الوحيد مثل تصويبة روني “الغائب الحاضر” في الدقيقة 43 لكن مبولحي كان بالمرصاد. الشوط الثاني واصلت الجزائر ريادتها للمباراة وأداءها الرجولي في حين غاب نجوم إنكلترا بشكل شبه كلي، ولعل أبرزهم واين روني الذي بدا تائهاً وسط الكماشة الدفاعية الجزائرية ولم يكن زملاؤه في الوسط جيرارد ولامبارد نجما ليفربول وتشلسي الإنكليزيين بحال أفضل. وفي ظل الهجمات الجزائرية حصل يبدا على ركلة حرة مباشرة في الدقيقة 57 إثر خطأ متعمد من كاراغر على باب منطقة الجزاء، فانبرى لها عنتر يحيى إلا أن تصويبته الأرضية أخطأت مسارها. حاول كابيلو انتشال فريقه من المستنقع الجزائري فدفع بنجم مانشستر سيتي الإنكليزي شون رايت فيليبس مكان ارون لينون الذي لم يقدم ما يستحق الذكر طوال 63 دقيقة لعبها. وشهدت الدقيقة 70 أول جملة كروية إنكليزية في المباراة حين لعب جيرارد أمامية بينية لهيسكي الذي صوب من شبه انفراد كرة تصدى لها حليش بانزلاقة مميزة محولاً الكرة لركنية أسفرت عن تصويبة رأسية لجيرارد تكفل بها الحارس مبولحي بثبات. حاول سعدان تحسين الوسط الدفاعي فدفع بجمال عبدون في الدقيقة 73 مكان الشاب بودبوز في حين زج كابيلو بورقة هجومية أخرى حين دفع بديفوي مكان هيسكي الغائب الحاضر شأن روني. لم تسفر التبديلات عن أي جديد في المباراة فحاول كابيلو لعب ورقته الهجومية الأخيرة حين سحب لاعب الوسط باري ودفع بالمهاجم العملاق بيتر كرواتش في الدقيقة 84 عله ينقذه من انتقادات لاذعة منتظر أن تشنها الصحافة الإنكليزية على البهتان الفني الإنكليزي، إلا أن شيئاً لم يتغير لينتهي اللقاء بالتعادل نتيجة، وبترويض أشبال رابح سعدان لأسود إنكلترا الثلاثة أداءً. تشكيلتا المنتخبين إنكلترا ديفيد جيمس، آشلي كول، جون تيري، جيمي كاراغر، غلين جونسون،غاريث باري (بيتر كروتش 84)، ستيفن جيرارد، فرانك لامبارد، آرون لينون (شون راين فيليبس 63)، إميل هيسكي (ديفوي 73)، واين روني. الجزائر رايس وهاب مبولحي، مجيد بوقرة، رفيق حليش، نذير بلحاج، عنتر يحيى، حسن يبدا (جمال مصباح 89)، كريم زياني (عدلان قديورة 81)، مهدي لحسن، فؤاد قدير، رياض بودبوز(جمال عبدون 73)، كريم مطمور. قاد المباراة الحكم الأوزباكستاني رافشان ايرماتوف وعاونه مواطنه رافاييل الياسوف والقرغيزستاني باخادير كوشكاروف. سعدان فرح بعد المباراة، أعرب رابح سعدان عن سعادته الكبيرة بالتعادل الثمين الذي انتزعه فريقه. وقال سعدان “قدمنا مباراة رائعة وأوقفنا منتخبا كبيرا اسمه إنكلترا بنجومه العالميين”. وأضاف “مباراتنا المقبلة لن تكون سهلة لكن المعنويات العالية بعد نتيجة اليوم قد تساعدنا على تحقيق الفوز. أتمنى ذلك فعلا لأن مشكلة فريقنا هي الاستقرار في النتائج، إذا حافظنا على مسيرتنا التصاعدية في النتائج فإننا سنحقق ما نطمح إليه”. كابيلو يأمل من جهته أعرب فابيو كابيلو عن أمله في “مشاهدة المنتخب الانكليزي الذي أعرفه ويتألق في الحصص التدريبية الإعدادية لمبارياتنا في نهائيات كأس العالم”. وقال كابيلو إنهم لم يلعبوا مباراة جيدة وأهدروا كرات عدة وقاموا بتمريرات خاطئة كثيرة. وتابع “الجزائر لعبت جيداً واستحوذت على الكرة ودافعت جيدا لكن لم يكن لها فرصاً كثيرة، سنحت أمامنا فرصا لم نترجمها وأعتقد أنها نتيجة جيدة للجزائر”. وأوضح كابيلو انه من السابق لاوانه الحديث عن استقالته من منصبه في حال الخروج من الدور الأول أو حتى الثاني.