رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة على جل بلدان العالم ،لا تزال اسبانيا في حاجة إلى العاملات الموسميات بالحقول الفلاحية، ويشهد شهر مارس/آذار من كل سنة، توافد عاملات موسميات من المغرب لجني الفرولة بعقود عمل محددة. جددت اسبانيا هذه السنة طلبها إلى المسؤولين المغاربة بوزارة التشغيل لاستقطاب العاملات الموسميات اللائي يشتغلن بحقوق الفرولة أو توت الأرض، طبقا لاتفاقية تبادل اليد العاملة بين البلدين، والتي وقعت بين وزارتي التشغيل المغربية ونظيرتها الاسبانية، في 21 يوليو/ تموز2001 والتي تنص على تنظيم حركة الهجرة بين البلدين الجارين، وتستعد اسبانيا هذه السنة لاستقبال حوالي 4500 عاملة، يتم اختيارهن بعد عملية انتقاء، فأصبحت لهذه العاملات طرق عمل ووفق شروط مضبوطة في اسبانيا التي تبعد بحوالي 14 كلم عن المغرب. السكن في القرية شرط للعمل في اسبانيا من الشروط التي تم وضعها لاستفادة العاملات الموسميات من العمل في حقول الفرولة في اسبانيا، ضرورة اشتغال هذه الفئة بالميدان الفلاحي في المغرب. ويقول عبد الحليم الفاتحي رئيس قسم التشغيل الدولي ب”الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات”، في حديث لدوتشيه فيله، وهي وكالة تابعة للحكومة المغربية، تسهر على تنظيم قطاع الشغل عبر الوساطة، يقول إن من الشروط الرئيسية للعمل في حقول الفرولة باسبانيا أن ”يكون للعاملة الموسمية عنوان في القرية لا في المدينة، وأن تمارس نشاطا فلاحيا في المغرب، كما يشترط أن تتوفر العاملة على بنية جسدية سليمة قادرة على العمل الفلاحي ولها الرغبة في العمل”، وأضاف الفاتحي أن ”العاملات الموسميات يوقعن التزاما يشمل العودة إلى المغرب” مباشرة بعد انتهاء عقدة العمل، ويضيف الفاتحي ” في حالة احترام هذا الشرط فالعاملات يستفدن كل سنة من العمل الموسمي باسبانيا”. فاطنة بوصيدة، وهي عاملة موسمية سبقت أن توجهت إلى اسبانيا عام 2008، وتمت المناداة عليها في موسمي 2009 و2010 ،قالت في حديثه لدوتشيه فيله' “إنها أصبحت تستفيد كل سنة من هذا العمل”، وتقضي هذه العاملة التي تنحدر من مدينة وادي زم (170كلم جنوب العاصمة الرباط) حوالي ثلاثة أشهر من العمل داخل حقول الفرولة ،وتضيف أن الأجر اليومي للعاملة الموسمية يناهز حوالي 30 اورو في اليوم، حيث يتم التكفل بهن في مساكن قريبة من هذه الحقول تتوفر على المستلزمات اليومية للحياة. الأزمة الاقتصادية والهجرة الموسمية انخفض عدد العاملات الموسميات اللائي يتوجهن من المغرب إلى الحقول الفلاحية باسبانيا، السنتين الماضيتين حسب إحصائيات صادرة عن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات المغربية حيث وصل عددهن سنة 2010 إلى حوالي 3000 عاملة موسمية، ويتم التحضير إلى إرسال حوالي 1500 عاملة أخرى هذه السنة، وبلغ عدد العاملات عام 2009 حوالي 3000 عاملة، أما بالنسبة لسنة 2008 فوصل عددهم إلى 11000، وفي سنة 2007 وصل العدد إلى 5800 عاملة موسمية. ويعزى ضعف طلب العاملات الموسميات باسبانيا حسب محمد خشاني وهو خبير هجرة وأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، يعزي هذا التراجع الكبير، في حوار مع دويتشه فيله إلى آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وأثارها على قطاع الشغل، والتي برأيه أصبح ”الإسبان يعملون في مثل هذه المهن بالحقول الاسبانية”. وقال خشاني، أن” أربعة ملايين من الإسبان أصبحوا عاطلين عن العمل حاليا نتيجة الأزمة الاقتصادية”، ما يفسر التراجع الكبير للطلب على اليد العاملة المغربية. من جانبه، قال عبدالحليم الفاتحي، رئيس القسم الدولي ب”الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات المغربية” في هذه السنة ”اقتصرت اسبانيا على العاملات المغربيات فقط،حيث تفادت استقطاب العاملات من خارج الاتحاد الاروبي”. النساء دون الرجال جل العاملات الموسميات اللائي يتوجهن إلى الحقول الاسبانية هم نسوة، ويزداد عليهن الطلب يقول الفاتحي”بعدما حققوا في أول عمل لهم نجاحا مهما لأرباب الضيعات الفلاحية باسبانيا، إضافة إلى انضباطهن في العودة إلى المغرب بعد انتهاء عقد العمل دون البقاء في اسبانيا” . بينما يرى الباحث في شؤون الهجرة خشاني، أن السبب في الإقبال على العاملات الموسميات يعود للأجور الضئيلة التي يقبلون بها بالمقارنة مع الرجال، حيث “يواظبن على العمل والعودة إلى المغرب بعد انتهاء موسم العمل”، كما اعتبر الأستاذ الباحث في الهجرة أن ”النساء اقل مطالبة بالحقوق من الرجال مما يشجع أرباب العمل الاسبان على استقطابهم”. أما الفاتحي فيعتبر أن تنظيم “الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات”، لهذه الهجرة الموسمية،يحمي العاملات من “التعرض للنصب والاحتيال من طرف مهربي البشر إلى أوروبا”. وبالنسبة للعمل الموسمي بفرنسا قال الفاتحي انه توجد اتفاقية لتنظيم هجرة الفلاحين المغاربة إلى جزيرة كورسيكا الفرنسية وقال إن هناك أفواجا صغيرة فقط تتجه إلى هذه الجزيرة للعمل في الحقول بشراكة مع المكتب الفرنسي للهجرة.