تقضي التقاليد باختيار “أمير للكرنفال” سنويا. وغالبا ما يكون أحد وجهاء المدينة. هذه السنة اختارت مدينة بون رجلا مسلما لهذا المنصب. البعض يعتبر هذا الاختيار مؤشرا على اندماج الأشخاص من أصل أجنبي في المجتمع الألماني. لأول مرة في تاريخها ستحيّي جماهير العاصمة الألمانية القديمة بون أميرا مسلما للكرنفال، بعد أن تم اختيار الإيراني أمير شافاغي لهذا المنصب لموسم 2010. ويعمل شافاغي مديرا لشركة تسويق للهواتف يشتغل فيها أكثر من مائة موظف وله ثلاثة أبناء. ومنذ صغره وهو مولع بالكرنفال والوجوه المبتسمة بملابسها التنكرية الزاهية. وقد نما هذا الحب للكرنفال وترعرع معه ورافقه حتى في كبره وخاصة “الرغبة في طرح الحياة الجدية جانبا والتنكر في شخصية ثانية. كذلك التخلص من النظر إلى الأمور بمرارة”، كما يقول شافاغي الذي يرى في اختياره أميرا للكرنفال وساما له. ولد أمير شافاغي في طهران عام 1970 وجاء مع والديه إلى مدينة بون وهو في العاشرة من العمر. وفي موسم الكرنفال التالي سمح له بارتداء الزي الخاص بإحدى أشهر جمعيات الكرنفال في المدينة؛ وهو أمر كان مقتصرا على الألمان. وبعد مرور سنوات على أول تجربة له مع الكرنفال انضم شافاغي إلى جمعية “جنود المدينة” التي تأسست في عام 1872. واليوم ينتسب “الأمير الفارسي” إلى عدة جمعيات للكرنفال ويقدم الدعم المادي لها. وقد استقبله رئيس شرطة بون بحفاوة بالغة غير آبه بأنه يدين بالإسلام؛ أما عشاق الكرنفال فالأمر بالنسبة إليهم سيان ويرون أنه يتناسب مع الطبيعة المنفتحة لمدينة بون ومنطقة الراين عموما. وفي هذا الإطار يقول أحدهم “أحيي اختياره أميرا للكرنفال فنحن هنا في منطقة الراين نشبه شعوب الجنوب”. الكاثوليكية والإسلام والكرنفال تحقق حلم أمير شافاغي وأصبح أميرا للكرنفال. لكن تقاليد الكرنفال الخاصة بالملابس، التي تظهر الكثير من مفاتن الجسد، وتناول الخمور وتوزيع القبلات بلا حرج، تتنافى مع تعاليم الإسلام. إلا أن الأمير شافاغي لا يرى تناقضا بين الإيمان بالله والكرنفال إذا “ما تم الاقتصاد” في ذلك لأن “المبالغة في هذه الأمور ضارة”، وهذه وجهة نظر لا تحظى، بالطبع، بموافقة جميع المسلمين. إلا أن الأمير القادم من المشرق والذي يريد المساهمة بشكل إيجابي في اندماج الأجانب في المجتمع الألماني، اصطدم بمسعاه هذا مع الكنيسة. فقد جرت العادة على أن يؤدي “أمير الكرنفال” قداسا باللهجة المحلية في كنيسة مونستر، أشهر كنائس المدينة. إلا أن المونسنيور فيلفريد شوماخر منعه من أداء القداس لأن المسيحية، كما قال، “تختلف عن الإسلام بإيمانها بالثالوث في حين يؤمن المسلمون بإله واحد، الأمر الذي يحول دون إقامة صلاة موحدة بين أتباع الديانتين”. وقد قوبل هذا المنع بالاستهجان من الشخصين الآخريين اللذين تم اختيارهما مع الأمير ومن جماهير الكرنفال في بون أيضا. فقد اعتبرت ماريون شفيتسلر أن المنع تم بسب موقف “الكنيسة الكاثوليكية” ولم يكن هذا ليحدث “في كنيسة بروتستانتية”. وأعربت دوريس فيزينير عن تفهمها لموقف الكنيسة، لكن من جهة ثانية ” نحن في الكرنفال وكان الأجدر السماح للأمير بقول بعض الكلمات اللطيفة”. أما “الأمير” فقد تحلى بروح الكرنفال الهزلية وتقبل المنع بأريحية وقال ” إنه لم يغضب أبدا”. وقد تمت تسوية القضية بأن يحضر القداس لكن بدون أن يلقي كلمة فيه. وفي الأثناء حصل شوماخر على دعم لموقفه من المجلس الإسلامي في مدينة بون الذي أصدر بيانا أبدى فيه تفهمه لموقف رجل الدين المسيحي، لأنه تصرف “بما يتناسب مع تعاليم الكنيسة الكاثوليكية”. وأضاف بيان المجلس الإسلامي بأن “الحفاظ على الهوية الدينية ليس تعصبا خاصة وأن شوماخر يؤيد بحماس بناء مسجد في بون”.