قضت محكمة مغربية بإدانة ثلاث صحف مغربية مستقلة لصالح الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي وتعويض كل منها له بمليون درهم (120 الف دولار). وقررت الغرفة الجنحية بالمحكمة الابتدائية، الاثنين، بأداء كل واحد من المتابعين في الدعوى التي رفعتها السفارة الليبية بالمغرب ضد يوميات “المساء” و”الجريدة الأولى” و”الأحداث المغربية” 100 ألف درهم غرامة. كما حكمت على كل واحدة من اليوميات الثلاث، المتابعة بتهمة “المس بشخص وكرامة رئيس دولة”، بأداء تعويض مالي قيمته مليون درهم لفائدة الطرف المشتكي”. وقضت المحكمة على كل من مدير نشر جريدة “المساء” والصحافي المتابع معه بأن يؤديا تضامنا مبلغ مليون درهم، وبنفس المبلغ على مدير “الأحداث المغربية” والصحافي المتابع معه، فيما تم الحكم فقط على مدير نشر “الجريدة الأولى” بأداء المبلغ المحكوم به وقضت المحكمة أيضا بنشر هذا الحكم في جريدتي “الصباح” و”العلم”. وطالب دفاع الرئيس الليبي بتعويض مالي مدني يبلغ 30 مليون درهم تؤديه كل يومية من اليوميات الثلاث. ورفع مكتب الاخوة ( السفارة الليبية) بالرباط الدعوى بعد صدور مقالات بصحف “الجريدة الأولى” ( 18 تشرين الثاني/نوفمبر2008) و”الأحداث المغربية” (30 تموز/ يوليو 2008 ) و”المساء” (19 كانون الثاني/يناير2009) اعتبرها الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي تتضمن اساءة له. والتزم الصحافيون المتابعون بالصمت طوال فترة المحاكمة التي وصفها رشيد نيني مدير صحيفة “المساء” اوسع الصحف المغربية انتشارا بالمهزلة. وقال نيني ل”القدس العربي” انه قاطع المحاكمة “منذ ان بدأت لأني اعتبرها محاكمة سياسية اقامتها الحكومة المغربية التي يترأسها عباس الفاسي انتقاما من الصحف الثلاث لموقفها الناقد من تشكيل واداء الحكومة”. واقترح نيني ان عباس الفاسي (رئيس الحكومة المغربية) والطيب الفاسي الفهري (وزير الخارجية) وعبد الواحد الراضي (وزير العدل) اختبأوا وراء قضية القذافي للانتقام من الصحف التي توبعت”. وقال “لو كان لدى هؤلاء الوزراء الشجاعة والجرأة لتقدموا للمحاكمة باسمائهم لا الاختباء وراء العقيد القذافي”. واكد علي انوزلا مدير يومية “الجريدة الاولى” الطابع السياسي للحكم وحمل الحكومة المغربية المسؤولية الكاملة للمتابعة القضائية واصدار الحكم. وقال انوزلا ل”القدس العربي” بعد صدور الحكم ان حكومة عباس الفاسي “تتحمل كامل المسؤولية لأنها هي التي حركت هذه الدعوى ضد ثلاث من صحف بلادها تحت ضغط حكم القذافي عليها”. وقال ان صحيفته “ستستأنف الحكم الذي لن يثنينا عن اداء مهمتنا في انتقاد الانظمة الديكتاتورية مثل نظام القذافي الذي يحكم ليبيا منذ 40 عاما.” ويعتبر انوزلا ان ما تضمنه الحكم ضد الصحف الثلاث “اساءة واهانة” للقذافي “اذ حكم له فقط بمليون درهم من كل صحيفة في حين هو طالب ب30 مليون درهم”، وقال انه يتضامن مع الرئيس الليبي الذي عليه ان يرفع دعوى قضائية لمتابعة الحكومة المغربية بتهمة الاهانة والاساءة له كملك ملوك افريقيا اذا ما قورن هذا الحكم وقيمة الغرامة باخرى اصدرتها محكمة مغربية لصالح مركز دراسات في بلجيكا (3 ملايين درهم). وانتقد علي انوزلا موقف النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي اكتفت بالتضامن مع الصحف الثلاث دون ان تعلن ادانتها لمتابعتها. وقال: ان موقف النقابة مخجل وغير مفهوم وجاء متأخرا ودون الحد الادنى الذي كنا نتوقعه كصحافيين. نعتبر المحاكمة محاكمة سياسية ومحاكمة رأي بالدرجة الاولى. اعربت النقابة الوطنية للصحافة المغربية يوم الجمعة الماضي عن “قلق بالغ”، بشأن استمرار محاكمة الصحف المغربية الثلاث. وأوضحت النقابة أنها “درست ملفات هذه القضايا وتابعت أطوار المحاكمة ومختلف المطالب التي تقدم بها دفاع الطرفين واستشارت محامين ومختصين قانونيين مما جعلها تكون رأيها في الموضوع”. وعبرت النقابة عن “مساندتها لما أثاره دفاع الجرائد المتابعة، خاصة ما يتعلق بمسألة مراعاة متطلبات القانون المغربي عند رفع الشكاية، ولا سيما احترام متطلبات عدد من فصول قانون الصحافة والنشر”. وقال انوزلا ان موقف النقابة لم يكن منسجما مع خطورة ما تحمله الدعوة من تهديد لحرية الصحافة والحريات العامة والتي هي ليست امتيازا او حكرا على الصحافة بل مكتسبات للشعب المغربي حققها بفضل تضحيات مناضلين وصحافيين خلال العقود السابقة.