تم أمس الجمعة بالرباط، تشييع جثمان الفنان والملحن المغربي الكبير عبد النبي الجراري، الذي وافته المنية صباح الخميس بإحدى مصحات الرباط، بعد معاناة مع المرض، وذلك عن عمر يناهز 87 عاما. وبعد أداء صلاتي الجمعة والجنازة بمسجد الشهداء، نقل جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء، حيث ووري الثرى في موكب جنائزي مهيب حضره عدد من أفراد أسرة الراحل وأصدقائه إلى جانب ثلة من الشخصيات التي تنتمي لعوالم الفن والسياسة والإعلام. وكان الملك محمد السادس، قد بعث ببرقية تعزية إلى أفراد أسرة المرحوم عبد النبي الجراري، أعرب فيها، لهم ومن خلالهم ، لكافة ذويهم وللأسرة الفنية الوطنية، عن أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة، سائلا جلالته الله تعالى أن يعوضهم عن فقدانه جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يتغمد الفقيد العزيز بواسع رحمته وغفرانه، ويسكنه فسيح جنانه، وأن يجزيه أوفى الجزاء عما قدمه بين يدي ربه من أعمال مبرورة، وما أسدى لوطنه من خدمات جليلة. كما أكد جلالة الملك أن “رحيل هذه الشخصية البارزة في المشهد الفني الوطني، لا يعتبر رزءا فادحا بالنسبة لذويه وأقاربه ومحبيه فحسب، وإنما يعد خسارة لا تعوض بالنسبة لأسرة الفن والموسيقى داخل المغرب وخارجه، التي فقدت بوفاته رائدا من رواد الموسيقى المغربية الأصيلة، وفنانا موهوبا، وملحنا مقتدرا”. ويعد الفنان الراحل ، الذي ازداد بالرباط سنة 1924، من المساهمين في وضع الأسس الأولى للأغنية المغربية، وذلك بفضل مواهبه المتعددة وطموحاته وحبه للموسيقى والفن التي وهب لها حياته ، فقد كان الفقيد من أمهر العازفين على آلة البيانو، حيث أفرد لهذه الآلة مساحة واسعة أحيانا في بعض ألحانه، كما هو الشأن مثلا في قصيدة “أتظن”، كما أنه غنى في بداية حياته الفنية الكثير من القطع ولحن بعض المعزوفات الموسيقية. ويبقى برنامج “مواهب” الذي كان يعده الفنان للتلفزة المغربية منذ انطلاق بثها في ستينيات القرن الماضي، مدرسة متميزة تخرجت منها جل الأصوات المغربية الكبيرة التي لمعت في سماء الموسيقى والغناء بالمغرب وخارجه ، ومن بينها على الخصوص، عبد الهادي بلخياط ونعيمة سميح وسميرة بن سعيد وعزيزة جلال وليلى غفران ومحمد الغاوي والمرحومة رجاء بلمليح، إلى جانب الملحنين عبد القادر وهبي وعبد اللطيف السحنوني وعز الدين المنتصر.