لا زالت قصة الكلاسيكو الإسباني ملتهبة تعد بحرارة تجمع بين عتريسين غرثانين للألقاب، اذ سيلتقي قطبا الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة منتصف آب/أغسطس المقبل في مباراة السوبر التي تجمع بين حامل لقب الليغا رسمياً برشلونة، إثر تعادله مع ليفانتي بهدف لكل فريق، والريال الذي خطف كأس الملك من بين أنياب لاعبي البلوغرانا، في مباراة حول فيها مورينيو الفريق الملكي من شخصية تعزيرية إلى عمه التقهقر في الدفاع، وكأن جوزي لم يتخلص بعد من تكتيكات الكالشيو. ويبدو أن ما وعد به الرئيس فلورنتينو بيريز قبل سنتين لم – ولن – يتحقق، فلا أحسن مدرب في العالم براتب وصل إلى 10 ملايين يورو في السنة، ولا النجوم من طينة مسعود أوزيل، وسامي خضيرة، وريكاردو كارفالهو وبيدرو ليون وسيرخيو كاناليس وأنخيل دي ماريا، وإيمانويل أديبايور التي وصلت قيمة صفقاتهم قبل أقل من سنة إلى أكثر من 80 مليون يورو، بقيمة اعتبرت الأعلى بين أندية بلد يشهد اقتصاده ركوداً نتيجة الأزمة المالية العالمية، وفشل مال فلورنتينو مرة أخرى في سحب البساط من تحت أقدام الغريم التقليدي، بل ما تفوق فيه النادي الملكي على منافسه الكاتالوني هو عدد البطاقات الملونة، فالمدريديون جمعوا أكثر من 150 بطاقة صفراء وطرد منهم 11 لاعباً في مجموع مباريات الموسم، بداية من الليغا، مروراً بكأس الملك ووصولاً إلى دوري أبطال أوربا، مقابل أكثر من 80 بطاقة صفراء وطردين اثنين فقط لبرشلونة في المسابقات نفسها. صحيح أن كريستيانو رونالدو اقترب كثيراً من الفوز بجائزة هداف الليغا على حساب ليونيل ميسي إلا أن ذلك يعبر على أنانية البرتغاليين، فمورينيو هاب على سمعته وجعل من فريق ذي مرجعية تاريخية يلعب على الألقاب يتراجع إلى الدفاع مخافة حصد حصة تشبه خماسية الأسبوع الثالث عشر من الليغا في الكامب نو، ما جعل مهاجمي الميرنغي وعلى رأسهم كريم بنزيمة وكريستيانو رونالدو يصرحون علناً بأن الريال يلعب ليسجل الأهداف وليس للتقهقر في الدفاع، أما جائزة هداف الليغا فتصب في صالح كريستيانو أكثر من الريال الذي يلهث وراء الألقاب. لم تشف الترسانة الحديدية الحالية غليل أبناء العاصمة، بل رشحوا قائمة جديدة من النجوم للمجيء إلى ملعب البيرنا بيو بدأت بتأكيد حمل التركي نوري شاهين نجم بروسيا دورتموند للون الأبيض كبداية غيث الانتدابات، ويبدو أن المفاوضات جارية مع الإفواري يايا توري والبلجيكي فينسنت كومباني وكارلوس تيفيز لاعبي مانشستر سيتي وسيسك فابريجاس نجم الأرسنال والغاني مايكل إسيان متوسط ميدان تشيلسي اللندني والبرازيلي فرناندو ريغيز لاعب نادي بورتو البرتغالي وحميد التنتوب لاعب بايرن ميونخ، وما خفي كان أعظم. والأكيد أن القائمة مرشحة للزيادة دون الاكتراث بخصائص الفريق الأساسي ولا ضرورة إعطاء اللاعبين الوقت الكافي قبل حصد الألقاب، فماذا عسى المدير العام لريال مدريد خورخي فالدانو أن يقول هذه المرة؟ بعد أن كان على حق في معارضة مجيء التوغولي إيمانويل أديبايور، إذ لمح أن قدومه لن يغير في الفريق شيئاً، أما الفوز بكأس الملك ذي المليون يورو كقيمة مالية فيأتي في المرتبة الثالثة من أولويات الفرق الكبرى إذ يحتل دوري أبطال أوروبا المرتبة الأولى بقيمته المالية المغرية والتي أوصلها ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوربي لكرة القدم، إلى 60 مليون يورو تليه الليغا بثلاثة ملايين يورو. صخب الكلاسيكو لن ينتهي برحيل جوزيه مورينهو وفلورينتينو بيريز عن الريال، ولا جوسيب غوارديولا وساندو روسيل عن برشلونة، لأن للفريقين دلالات يتضارب فيها التاريخ منذ عهد حكم الجنرال فرانسيسكو فرانكو بالسياسة، المتمثلة في مطالبة الكاتالونيين بالانفصال، وإن كان للفريقين أنصار من شتى أنحاء العالم غير معنيين برمزية الديربي الإسباني فالحقيقة أن تراكمات بوائق الحروب الأهلية لازالت تخيم على سماء كل مواجهة بين الريال والبارسا، لكن الخوف كل الخوف أن تتحول صراعات لاعبي الناديين إلى أجواء المنتخب الذي يشكل عناصر الفريقين معاً تركيبته الأساسية والتي سار فيسنتي دل بوسكي على منوال أراغونيس في تبني طريقة لعب برشلونة ما خول للإسبان الفوز لأول مرة في تاريخهم بكأس العالم بجنوب إفريقيا، وقبلها ببطولة أمم أوروبا للمرة الثانية بعد 24 عاماً من الغياب، حين أوقفوا ماكينة الألمان أصحاب التخصص على ملعب ارنست هابل بالعاصمة النمساوية فيينا، بل حتى الساعة لازال الإسبان يعتلون التصنيف العالمي أمام منتخب هولندا والبرازيل بفضل أسلوب البارسا. شد كلاسيكو إسبانيا أنظار العالم سواء بتصريحات جوزيه مورينهو النارية التي أوصلته إلى حد التوقيف خمس مباريات اعتباراً من مباراة نصف نهائي دوري أوروبا دون أن يأخذ الرجل العبرة، إذ سبق وأن قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قبل ست سنوات معاقبة تشيلسي الإنجليزي بغرامة قدرها 75 ألف فرنك سويسري وإيقاف نفس المدرب مبارتين وتغريمه 20 ألف فرانك سويسري بسبب الإساءة لسمعة كرة القدم الأوروبية. والغريب أن الخصم كان نفسه برشلونة، بل حتى الاتحاد الإسباني ضاق صدراً بمورينهو وأوقفه مبارتين جراء شتمه لحكم مباراة فريقه ضد ريال مورسيا رغم فوز الريال بخمسة أهداف لهدف وحيد في إياب دور ال16 من مسابقة كأس إسبانيا. وتواصلت الاتهامات بعد كل إخفاق في إيقاف لاعبي البلوغرانا حتى وصلت إلى حد اتهامهم بتقديم الرشوة للحكام تارة، وتناول المنشطات تارة أخرى لكن الاتحاد الإسباني بعد التحري الدقيق لم يستطع إثبات شيء، ومن تداعيات الكلاسيكو أيضاً منع بث أغاني المغنية الكولومبية شاكيرا في البيرنابيو، لا لسبب سوى لأنها انتقلت من صداقة رافاييل نادال نجم كرة المضرب الأول عالمياً والعاشق لريال مدريد إلى صداقة لاعب برشلونة جيرارد بيكيه. إنها كرونولوجيا الكلاسيكو... وعد ووعيد قبل المباراة وبعدها... وبحث دائم عن الإجهاز على الثور في نزال الكوريدا دي طوروس، وإسقاطه على الأرض وفصد عروقه وإخضاعه لمنطق القوة، لكن هذا الثور يأبى أن يموت، يأتي بروح جديدة متجددة، كلما حل موعد الكلاسيكو بين الغريمين الريال والبارسا.