بالموازاة مع الاستراتيجية الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية التي اعتمدها في السنوات الأخيرة للدفاع عن مصالحه الاستراتيجية والجيوساسية، بدءا بالوحدة الترابية للمملكة وأمنها، يواصل المغرب تعزيز ترسانته الحربية، خاصة ما يتعلق بسلاح الجو، في ظل ارتفاع التحديات الأمنية والتهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، وتنامي التنافس العسكري في المنطقة. لكن هذا الانكباب المغربي على تقوية وتطوير وتحديث أسطوله الحربي يثير توجس الجارين الشرقي والشمالي، إلى درجة أن عيون هذا الأخير تراقب حجم وقيمة ونوعية الأسلحة التي يستوردها المغرب، بما في ذلك تعقب الطائرات المغربية التي تحلق في أجواء الصحراء المغربية. ولم يعد الإسبان، مثلا، يتوجسون فقط من تطوير وتحديث الأسطول الحربي المغربي، بل حتى من الاستراتيجية المغربية الجديدة القائمة على تنويع الشركاء العسكريين ومصادر الأسلحة. فالمغرب أصبح ينفتح على الأسلحة الروسية والصينية بدل الاعتماد فقط على الأسلحة الأمريكية والفرنسية. في هذا الصدد، انضاف المغرب إلى قائمة الدول القليلة التي تتوفر على بعض الأسلحة الحربية النوعية الصينية، مثل الطائرات دون طيار المتطورة. ونشر موقع «ديفينسا»، القريب من الاستخبارات العسكرية الإسبانية، صورة قال إنها التقطت في أجواء الأقاليم الجنوبية لطائرة حربية دون طيار من طراز Wing Loong1، ذات الصنع الصيني، وأضاف أن الطائرة الصينية توجد في القاعدة العسكرية الرباعة بمدينة العيون. واستطرد المصدر نفسه، نقلا عن مصادره الخاصة، قائلا: «الطائرة الحربية دون طيار من طراز Wing Loong1، حصل عليها المغرب هدية من دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد تجاوز البرود الذي طبع العلاقات الثنائية بين البلدين بسبب الموقف الحيادي للمغرب خلال الأزمة الخليجية، والتي جرى تجاوزها أيضا بعد ثلاث سنوات ونصف» من القطيعة بين السعودية وقطر على وجه الخصوص. ويُبين المصدر عينه أن المغرب لم يحصل على الطائرات الذكورة في إطار صفقة مع الصين، بل في إطار التعاون مع الإمارات التي كانت حصلت عليها من الصين. وتوصل المغرب، وفق مصادر الموقع، بثلاث طائرات من هذا الطراز مع بداية السنة المنصرمة، فيما تتحدث تقارير أخرى عن أربع طائرات. ويزعم المصدر عينه أن أول طائرات دون طيار من هذا الطراز نشرت في القاعدة العسكرية بالعيون منذ بداية أزمة معبر الكركرات، أي منذ 21 أكتوبر المنصرم، عندما أغلقته ميلشيات مسلحة تابعة لجبهة البوليساريو، قبل أن تتدخل القوات المسلحة لتحرير المعبر واسترجاع المنطقة إلى النقطة الكيلومترية ال55 الحدودية مع موريتانيا. وتعتبر دولة الإمارات من الدول القلائل التي تتوفر على هذا الطراز من سلاح الجو الصيني، بعدما حصلت على عدد غير معروف من طائراته سنة 2011، قبل أن تُعزز أسطولها سنة 2017 بالنسخة المتطورة «2 Wing Loong». ومن بين الخصائص والوظائف المميزة لهذا النوع من الطائرات، وفق بعض التقارير، أن سرعتها القصوى تصل إلى 289 كيلومترا في الساعة، ولديها القدرة على البقاء في الجو مدة 20 ساعة، كما تستطيع قطع مسافة 4000 كيلومتر، ولديها القدرة على التحليق على علو 5 إلى 6 آلاف متر، كما تستطيع حمل 200 كيلوغرام، وتُزود بأربعة صواريخ وقنابل، إلى جانب القدرة على المراقبة والرصد والتقاط الصور. علما أن هذا الطراز من الطائرات يمكن تطويره. «خلال السنوات الخمس الأخيرة، قام المغرب بتطوير أسطول حقيقي من الأنظمة الجوية دون طيار»، وفق «ديفينسا»، في إشارة إلى أن المغرب عقد العديد من الصفقات العسكرية، حيث تحدثت وكالة الأنباء الدولية «رويترز»، في دجنبر المنصرم، عن إمكانية حصول المغرب على أربع طائرات دون طيار من طراز «إم.كيو-9»، وتعتبر هذه الطائرات أحدث ما صنعته أمريكا في السنوات الماضية، بالإضافة إلى موافقة الإدارة الأمريكية في يونيو الماضي على بيع المغرب 24 طائرة حربية متطورة من طراز «أبتشي 64» بقيمة 4250 مليون دولار في أفق 2024. كما تحدثت تقارير أخرى في دجنبر المنصرم عن حصول المغرب على ثلاث طائرات دون طيار إسرائيلية من طراز «Hermes 900». وعلى غرار سلاح الجو، يعمل المغرب، أيضا، على تعزيز وتطوير أسطوله الحربي البري والبحري، من خلال عقد مجموعة من الصفقات، آخرها مع الحكومة الإسبانية التي وافقت على بيعه سفينة حربية. (اليوم 24)