أحدث التدخل الميداني القوات المسلحة المغربية في الكركارات، الذي انتهى بالسيطرة التامة على المنطقة الطريق الرابط بين الأقاليم الصحراوية وموريتانيا، تغيرات كثيرة في قواعد اللعبة بالمنطقة أبرزها الإقرار التدريجي للجزائر بأنها طرف في النزاع، وهو الأمر الذي بلغ ذروته اليوم الاثنين مع حديث افتتاحية مجلة الجيش الجزائري عن أن التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة "تعنيه" وأن عليه "الاستعداد لمواجهة التهديدات الصادرة عن بعض الأطراف". وأورد الجيش الجزائري في المقال الذي نقلته الصحف الجزائرية المقربة من النظام على غرار "النهار" و"البلاد"، أن "الوضع الإقليمي المتردي على طول شريط حدودنا وقيام بعض الأطراف مؤخرا بتهديد أمن المنطقة يعنينا"، وذلك في إشارة إلى التدخل المغربي في الكركارات، مضيفا "هذه التهديدات حتى وإن كانت غير مباشرة فإنها تهمنا وعلينا الاستعداد لمواجهتها، بل يتحتم علينا ذلك، كون بلادنا لها التزامات إقليمية يفرضها دورها المحوري". وأشار الجيش الجزائري ضمنيا إلى أنه مستعد للتحرك دفاعا عن جبهة "البوليساريو" الانفصالية، حين أورد أن من بين دوافع الجزائر لاهتمامها بما يقع في الصحراء المغربية "مبادئها التي لا تحيد عنها والمتمثلة في نصرة القضايا العادلة"، متحدثة عن وجود أن "مخططات عدائية تستهدف البلاد، تستدعي بالضرورة أن يدرك شعبنا حقيقة أهدافها الخفية". وبالإضافة إلى اللغة العدائية التي حملتها افتتاحية الجيش الجزائري تجاه المغرب، فالمثير أيضا هو أن هذه هي المرة الأولى التي يصرح فيها هذا الجهاز الذي يوجد على رأسه الفريق السعيد شنقريحة، باستعداده لخوض حرب مع جاره الغربي من أجل الصحراء، وهو كلام يمثل اعترافا بأن الجزائر طرف في الصراع، خاصة وأن رئيس الأركان، الذي سبق أن دعا الانفصاليين إلى حمل السلاح ضد الجيش المغربي، يوصف حاليا بأنه الحاكم الفعلي للبلاد في ظل اختفاء الرئيس عبد المجيد تبون منذ نقله إلى ألمانيا للعلاج بسبب إصابته بفيروس كورونا منذ نحو شهر ونصف. ومثلت عملية "الكركارات"، التي شكلت مفاجأة كبيرة لمتابعي تطورات الوضع في الصحراء بسبب سرعة إتمامها وعدم اضطرار الجيش المغربي إلى استخدام الأسلحة فيها، (مثلت) بداية تشكيل واقع جديد في الصحراء بعد أن قطعت نهائيا على انفصاليي البوليساريو السبيل الوحيد للوصول إلى المحيط الأطلسي بعدما كان تواجدهم في المنطقة العازلة يهدف إلى قطع الاتصال البري الوحيد للمغرب مع القارة الإفريقية والسيطرة التامة على المعبر، وهو ما لوحظ بعده تغيُّر في لهجة المسؤولين الجزائريين. وقبل الجيش كان وزير الخارجية السابق رمطان العمامرة قد أقر بأن المنطقة قبل عملية الكركارات، التي وصفها ب"الاعتداء"، ليست هي نفسها حاليا، موردا أن "قضية الصحراء ليست قضية سلطة جزائرية بل قضية أمن قومي بامتياز"، وهو كلام يكسب قيمته من موقع العمامرة داخل مراكز صناعة القرار الجزائري منذ عقود كونه كان أيضا مستشارا للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وسفيرا لبلاده في كل من الأممالمتحدة والولايات المتحدةالأمريكية.