لم يعد خفيا الصراع الدائر بين قيادة الجبهة وأجنحتها المدنية والعسكرية، وما خلف من تشتيت لأنصار وأتباع جبهة البوليساريو وأزلامها ، الذين توزعوا على الجناحين ، لينتقل الصراع الى القاعدة الشعبية التي أصبحت حلبة للنزاع، وعرت واقع الخلاف، وبؤس القيادة واستغلالها للصحراويين في صراعاتها حفاظا على مناصبها الأبدية. تبقى الحقيقة الساطعة أن الجناح العسكري لن يتمرد على رفاقه في القيادة من تلقاء نفسه، ولن يخرج عن الإجماع داخل قيادة الجبهة، ما لم يكن تلقى أوامر مباشرة من النظام الجزائري الذي يلعب بقيادة البوليساريو ويضرب بعضها ببعض لخدمة أجندته المعروفة. ويبدوا أنه يبارك ما يقع، وسيمضي في تحريض الصحراويين من أصول جزائرية على الصحراويين من أصول مغربية لضمان إضعاف جبهة البوليساريو وبقاءها تحت سيطرتها. وكشف منتدى فورساتين عن تسجيلات صوتية توثق لاتفاق الطرفين العسكري والمدني على التحرك الميداني ، لكن تبرز ايضا حجم الخلاف على طبيعة التحرك . المؤسسة العسكرية : تريد تحركا ميدانيا ، يؤثر على الوضع القانوني للمنطقة ، وتراهن على اغلاق معبر الگرگرات وتشييد مخيم مدني تتخذ من خلاله المدنيين دروعا بشرية لتحقيق غايتها. الجناح المدني : يريد تحركا ميدانيا، لكن يريده مقتصرا فقط على البعثة الأممية والتضييق عليها، ويحاول تفادي إدانة دولية ، ويتحاشى خرق القانون الدولي. التسجيل الأول الذي عممه المنتدى يخص ( محمد لمين ولد البوهالي ) : تصريح خطير ، يمثل الجناح العسكري ، ويثبت بالدليل علاقته بما يقع حاليا بمنطقة الگرگرات . محمد لمين ولد البوهالي يؤكد أنه مباشرة بعد تخفيف أزمة كورونا (وهو ما يحدث الآن) سينطلق بشكل شخصي إلى المعركة وأن الجيش جاهز يحتاج فقط إلى ترتيب الصفوف . ولد البوهالي أكد أنه بمجرد أن يجد موطء قدم يحتمل أن يستولي عليه ، لن يتوانى في الاستيلاء عليه، ولن يضيع اي وقت في ذلك( المقصود الگرگرات ) . ولد البوهالي لمح إلى صراعه مع رئيس جبهة البوليساريو ابراهيم غالي ورفاقه الرافضين لعمل عسكري ( عبد القادر الطالب عمر)، وأنهم يطالبون المؤسسة العسكرية بالتأني والتريث. وأكد ولد البوهالي أنه ومن معه سئموا الصبر في إشارة إلى رفض أوامر ابراهيم غالي ، وعدم الاتفاق معه في طرحه. ولد البوهالي أبان عن استعجاله في خوض المعركة، مباشرة بعد تخفيف اجراءات كورونا، معولا على الجيل الجديد في ما يشير إلى مسؤوليته عما يحدث بالگرگرات وتجييشه للشباب الصحراوي وحمله على التمرد على القيادة المدنية لجبهة البوليساريو التي تخشى من رد فعل أممي قد يدينها. التسجيل الثاني يخص ( عبد القادر الطالب عمر ) : ممثل الجناح المدني داخل جبهة البوليساريو، قال إن جبهة البوليساريو عازمة على القيام بتحركات ميدانية فعلية . لكن التحركات الميدانية التي يعنيها عبد القادر تتعلق فقط بالتعامل مع المينورسو ، والبحث عن تعامل بالمثل على غرار المغرب، والتدقيق في دخول الفريق الأممي للمخيمات خاصة أن السيارات الأممية تتحرك بترقيم يحمل اشارة للمملكة المغربية. التحرك الميداني يختلف بين الجناح المدني والعسكري ، فهنا يختلف عبد القادر الطالب عمر ومن معه مع محمد لمين البوهالي ومن يدور في فلكه ، جميعهم يتفقون على تحركات ميدانية، لكن يختلفون على طبيعتها. الجناح المدني يركز على احترام القانون الدولي ، والانضباط للقرارات الاممية، لكن يدافع عن تحرك يضيق الخناق على البعثة الأممية ، ويترجى أن يأتي هذا التحرك بالتفاتة دولية ، أقصى ما يطمح إليه منها هو تعيين مبعوث أممي جديد. الجناح العسكري يدافع عن تحركات ميدانية عسكرية ، ويحاول الاستيلاء على مناطق حيوية ، ويبحث عن سبل لتغيير الوضع القانوني بالمنطقة مهما كلف الثمن، ويحشد لهذا الأمر مهما أثر ذلك على وحدة قيادة جبهة البوليساريو. رغم أن العارفين لخبايا الصراع ينظرون إلى اصطفاف الطرفين على جهتي النقيض من حيث التنفيذ فقط، رغم اتفاقهم على الفعل من حيث المبدأ، وعلى أن الأمر لا يعدو أن يكون تمثيلا وتبادلا للأدوار وتكتيك يخدم المرحلة ، ويساهم في خلق منفذ من المساءلة حتى وإن عاد الأمر بنتائج عكسية وفي حالة تطور الأمور يمكن لجبهة البوليساريو آنذاك تحميل المسؤولية لطرف دون طرف، وعودة الأمور إلى سابق عهدها بعد تبادل الأدوار من جديد بناء على ما ستفرزه الأزمة الحالية.