يستغرب بعض الأصدقاء بالفايسبوك، وأنا أستغرب لاستغرابهم، وأتأسف للجر لمناقشة حروف الهجاء في مسألة الانتماء للوطن… يجب أن نفتخر بالوطن، وندعو للحفاظ على الوطن، والنضال من أجل الوطن… الوطن هو إسمك، هو لحمك ودمك وشحمك، هو أمك وأبوك، هو الرحم الذي خرجت منه، وطن رحم الآباء والأجداد منذ غابر الأزمان أردت أم أبيت. للحفاظ على الوطن، لا يضيره أن نحارب فيه المفسدين في المال العام وعديمي الانتماء واللقطاء، لأن من لا وطن له، كمن لا أبا له، بل يعتبر لقيطا حتما. وليعلم الجميع، أن الوطن ليس للفاسدين، بل هم من يريدون أن تكفروا بالوطن، وتنسوا الانتماء إليه، ولا يريدونكم أن تزاحموهم عليه، وعلى ثرواته، لأنهم يعتبرونه لهم وحدهم، يحمي امتيازاتهم ومناصبهم، الوطن عندهم منجم وكنز خاص بهم. كلنا ندين ظلم ذوي القربى، كلنا ندين المحسوبية والزبونية، والتي كنا من ضحاياها منذ طفولتنا، ناضلنا، وسقط بعض أصدقاء الدراسة أمام عيني في أحداث 1984، وبعضهم سحلوا وضربوا وسجنوا، وهم الآن في مناصب كبيرة، ومهمات تربوية وعلمية وفكرية…، داخل الوطن أو خارجه، ولكن تحت سقف الوطن. الوطن بيتك، قد لا تحتمل فيه بعض المناظر، ترتبه وتنظفه، لكن لا تحرقه، وتهدمه وتجلس في العراء تستجدي الجيران قطعة خبز أو غطاء. كل الناس لها خصومات أسرية وعائلية، ولكن يفتخرون بعائلاتهم الكريمة، وآباءهم وأجدادهم، إنها نزعة إنسانية أولا وأخيرا. الوطن ليس شخصا أو حكومة أو طبقة، سيموتون ويبقى الوطن، سيزولون ويبقى الوطن، سنفنى ويبقى الوطن آلاف السنين بعدنا للأجيال القادمة. وطن إذا لم تحافظ عليه كالرجال، ستبكيه يوما كالنساء، ولا نقدر قيمة الأشياء حتى نفقدها. الوطن ليس الذي تقيم فيه فقط، ولكن هو من يقيم فيك، في قلبك و وجدانك، تحمله وتحمل همومه وأوجاعه وآماله، أينما كنت، أينما رحلت أو أقمت.