الانتماء هو شعور المحبة الأول وأقوى أحاسيس الحب نسبة للوطن. والانتماء الوطني يبقى كذلك أيا كان تعريفه. فإن كانت الأماكن الجميلة توجد الإعجاب بها والذكريات الجميلة توجد الحنين وكليهما وكثرتهما يوجدا الاشتياق للمكان، فكذلك إذا اجتمع كل من أصالة الماضي وإيجابية المستقبل يمنح المرء شعور الانتماء وهو ما ينطبق عين التمام على الأوطان. فالانتماء يحول جميع الذكريات من ماض دفين إلى حنين ويعزز الذكريات الجميلة إلى الشعور بالشوق والحرص على الحفاظ عليها ويحفز لوعة المحبة لتصل للتضحية والفداء لذلك الانتماء. فالقيم الأصيلة من البيت ثم المدرسة وإلى المحيط تجد تأصيل الانتماء فالتلميذ والمعلم وكل فرد يمتلكه ولا من أحد يفرضه عليه. وهنالك العديد من الأمور الأخرى التي قد تسهم بترسيخ ذلك الانتماء وإن كانت ليست بالأمر المطرد، ومنها العدالة من أصغر الأمور إلى أكبرها، كعدالة القضاء وبه لا فرق بين المواطنين ولا بين مواطن ومقيم (المساواة الكاملة والمتوازنة في إحقاق الحق وإقامة العدل)، وهي أمور لابد أن يهتم بها كل وطن لزيادة هذه الثروة والحفاظ عليها . والكويت الدولة الأولى بنماذج الانتماء ففي وقفاته العربية التاريخية ومن أصالة ماضيه لتقدم حاضره،،،إلى التعامل الفردي العربي الأصيل الذي نرى الكثير منه أصبح موروث اجتماعي لدى كل كويتي. فالكويت بأصالته بلد يمنح الانتماء. لذا كل مقيم على أرض الكويت لا بد وأن يشعر اتجاهها بالانتماء الحقيقي الفعلي. فكل من على أرض الكويت (مواطن، ومقيم، وزائر) لا بد أن يكون كويتي بالانتماء لا بالهوية فحسب. وهي كلمات ليست للمجاملة ببلد مسقط الرأس، وإنما البوح بالحقيقة يريح النفس خصوصا أنه ارتياح ينشر الراحة للجميع فيهيج مشاعر عظيمة تأصلت بداخله و تلك هي مشاعر الانتماء. وجوهر هذه الثروة - بل إن سبب تسميتنا لها بالثروة بل لعلنا من الندرة أو الأوائل من يعدها بحد ذاتها ثروة- بالتمييز بين المورد البشري و الانتماء الوطني والاختلاف رغم كليهما متعلق بالإنسان فالأول له علاقة بإمكانيات وقدرات الإنسان وعددها، والآخر متعلق بالارتباط المعنوي به، حيث تجد بلاد تحتوي طاقات بشرية عالية (مورد بشري كبير من حيث العدد والكفاءة) ولكنها ترحل أو ترحّل أو تُكبت بسبب عدم الانتماء الوطني، وباختصار فإن المورد البشري مورد يفنى بغياب أو انعدام الانتماء الوطني. فثراء الوطن ليس بالموارد أو غيره فقط كما يظن البعض وإنما بالانتماء ولذلك فإن فنيت موارده فلن ينضب العطاء فيه وله، فكل وطن وبقدر ما له من انتماء لابد وأن يكون وبمشيئة الله بلد غني لأن ثروته لا بالموارد الطبيعية أو البشرية فقط، بل بالثروة الكبرى ثروة الانتماء. فهذه الكلمات: " كلمات على رمال الأوطان تنعكس على شمس العالم فتنير به ثروة حقيقية " ......... بل إن هذه الكلمات وغيرها في الانتماء الوطني لابد أن تنقش على كل شبر من رمال الأوطان لتنعكس على قرص الشمس في العالم كله وتنشر ذلك الحب الرائع برسوخه وثباته ألا وهو" الانتماء الوطني" إلى الكرة الأرضية كلها ليصبح ثروة من الثروات الوطنية الأولى في كل بلد.