بعد ساعات قليلة من توقيع رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية دونالد ترامب، على قراره بنقل سفارة بلده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، تجاوزت ردود الأفعال العربية الردود الرسمية إلى تفاعل كبير للرأي العام العربي، وغليان الشارع، في مشهد يعيد للأذهان حشود "الربيع العربي" في العواصم العربية سنة 2011. وخرجت عدد من المدن العربية، مباشرة بعد قرار ترامب، في احتجاجات تعكس حالة الغضب الشعبي التي تسود بين العرب، فيما ينتظر أن تعرف الأيام القليلة المقبلة موجة أكبر من الاحتجاجات، للجموع الغاضبة، تعيد إلى الأذهان مشاهد مسيرات واحتجاجات الربيع العربي، التي انتقلت بين عدد من الدول العربية. عدد من المحللين، أكدوا أن قرار ترامب "الاستفزازي" للشعوب العربية، قد يكون شرارة جديدة ل"ربيع عربي" جديد، بعدما تحولت موجة ربيع 2011 إلى خريف على عدد من الشعوب. وفي هذا الاتجاه، يرى محمد مختار الشنقيطي، مدير مركز الدراسات والبحوث بجامعة قطر، في تغريدة له عبر حسابه بموقع تويتر، أن "قرار ترامب حول القدس سيسفر عن نتائج لم يتوقعها، منها أن تركيا ستقطع علاقتها بالكيان الغاصب إلى الأبد، وأن الثورات العربية ستنبعث من جديد، وأن الخلافات الطائفية ستتراجع التفافا حول القدس"، في تأكيد على أن القرار الذي وقعه ترامب أمس، سيعيد نبض الشارع إلى ما كان عليه قبل ست سنوات. ويضيف الشنقيطي، حسب المصدر ذاته، أن العنجهية التي أعلن بها ترامب قراره بتحويل القدس عاصمة للدولة اليهودية، فيه احتقار لحلفائه العرب الذين سلموه خزائن شعوبهم، وأذلوا أنفسهم بين أيديهم، لا تحرير لفلسطين ولا تطهير للقدس قبل أن تحاسب الشعوب هؤلاء لأنذال حسابا عسيرا". وفي حديث مع "اليوم24″، يعبر خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة، عن رأي مخالف في الربط بين قرار ترامب وربيع عربي جديد، فرغم تأكيده على أن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ستكون له تبعات، على المكونات الاجتماعية الشعبية في الدول الإسلامية، إلا أنه يستبعد ربيعا عربيا جديدا. ويوضح الشيات، في التصريح ذاته، أن الاحتجاجات التي يمكن أن تشهدها ستعكس الغضب الشعبي، ولكنها ستبقى مختلفة عن الربيع العربي من حيث الموضوع، حيث أن المطلب اليوم مطلب عربي مرتبط بالانتماء والهوية، فيما الربيع العربي رفع شعارات مرتبطة بقضايا العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية. ويؤكد الشيات، أن موجة الاحتجاجات المرتقبة، لن تشمل فقط الدول العربية والإسلامية، وإنما ستمتد يقينا إلى الدول التي لها ضمير إنساني، سواء في أوروبا، أو حتى أمريكا ذاتها. ورغم المبادرات الكبيرة التي أطلقها زعماء عرب في تفاعل سريع مع قرار ترامب، مثل المبادرة التي قادها الملك محمد السادس، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلا أن الشيات يرى أن الشباب يتساءل إلى أي حد يمكن لهذه المبادرات أن تمتص غضب الشارع. ووسط هذا الاستفزاز الأمريكي لمشاعر العرب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، يحذر الشيات من تزايد موجات العنف والإرهاب، باسم الدين، بوجود "مبرر" لاستهداف الولاياتالمتحدةالأمريكية.