إلباييس عانى عبدالإله بنكيران، الإسلامي الأكثر شعبية في المغرب، الأحد الماضي، من أكبر هزيمة في مساره. في شهر مارس الماضي أُعفي من طرف الملك محمد السادس من مهام تشكيل الحكومة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية في 7 أكتوبر 2016. حينها كان على بنكيران التخلي عن مقعده البرلماني، لكن، مع ذلك، بقي له عكاز قوي يتكئ عليه: الأمانة العام لحزب العدالة والتنمية. المشكل هو أن بنكيران شغل منصب الأمين العام لولايتين اثنيتن، اللتين يسمح بهما النظام الداخلي للحزب. وإذا أراد الحصول على ولاية ثالثة يجب تعديل قانون الحزب. غير أن المجلس الوطني الذي انعقد يوم الأحد الماضي، صوت ضد تعديل المادة 16 من القانون الداخلي، إذ سجل 126 صوتا ضد تعديل المادة، بينما 101 صوت مع تعديلها، فيما أٌلغيت 4 أصوات، من أصل 231 صوتا. الآن، من يسمون "إخوان" البيجيدي انقسموا إلى فريقين. الآن، الجميع يتساءل ماذا سيفعل بنكيران؟ هل يستمر في البيجيدي أو سيؤسس حزبا جديدا؟ لا أحد في المغرب كان قادرا على حشد 20 ألف شخص في تجمع واحد، كما كان يفعل بنكيران. ولا يوجد أي برلماني يتقن الخطابة بطلاقة مثله، كما لا يوجد أحد يمزج بين النكت والأقوال الأكثر شعبية بالدارجة المغربية، أثناء جلسة تلفزيونية. لكن، في النهاية، قيّم حزبه كل هذه الأشياء وقال له "لا". الرجل الأكثر كارزمية في حزب العدالة والتنمية واجه معارضة قوية، من قبل خمسة وزراء في حكومة العثماني، التي تتكون من ستة أحزاب. علاوة على ذلك، وجد بنكيران حركة التوحيد والإصلاح ضده. أنصار بنكيران يعتقدون أن المواجهة، في الواقع، ليست داخلية، بل بين بنكيران والقصر الملكي. للإشارة قاد بنكيران العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية سنة 2011، إلى تحقيق انتصار تاريخي، إذ لأول مرة يحكم الإسلاميون في المغرب. أكيد أن الأمر يتعلق بحكم محدود، لأن النظام الانتخابي في هذا البلد يجعل من الصعب الحكم دون تحالفات. إضافة إلى ذلك، فالملك يعين الوزارات المهمة مثل الداخلية والخارجية والشؤون الدينية بشكل مباشر. لكن، ومع ذلك، تعتبر هذه أول مرة في المغرب يستطيع حزب إسلامي بلوغ هذا القدر من السلطة. مع مرور الشهور تأكد أنه لم يكن هناك أي انسجام بين بنكيران والقصر. إذ خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، وبالضبط في صيف 2016، ندد بنكيران بوجود "التحكم"، مفهوم يعني وجود حكومة موازية "مستبدة". في الواقع بنكيران كان يشير إلى جهات في المحيط الملكي دون أن يذكرها بالاسم. فيما حذر محمد السادس في أحد خطاباته بأنه لا يجب على أحد استعمال المؤسسة الملكية لأهداف انتخابية، مذكرا بأنه ملك لكل المغاربة، بما في ذلك ممن لم يصوتوا. بعد هذه الاحتكاكات مع القصر، تمكن بنكيران، سنة 2016 في الانتخابات التشريعية، من تحقيق نتائج أكثر من تلك التي حققها سنة 2011، إذ حصل على 125 مقعدا برلمانيا من أصل 395، أي بارتفاع قدره 18 مقعدا مقارنة مع نتائج 2011. السنوات الخمس التي قضاها في الحكومة لم تستنزفه. فشل بنكيران، وربما لم يحاول حتى، في محاربة الفساد المنتشر في البلد؛ لكن الكثير ممن صوتوا له يعتقدون أنه لم يحارب الفساد ليس لأنه لم يرغب في ذلك، بل لوجود سلطة لم تخرج من صناديق الاقتراع تمنعه من ذلك. وعلى الرغم من انتصاره سنة 2016، كان بنكيران يحتاج إلى تحالفات من أجل تشكيل الحكومة. غير أنه رفض الشروط التي فرضتها عليه الأحزاب الأخرى. وبعد نصف سنة تقريبا من المشاورات غير المجدية، استعمل الملك الصلاحيات التي يمنحها له الدستور وأعفاه من مهامه كرئيس حكومة معين ومكلف بتشكيل الحكومة، وعين مكانه الرجل الثاني في الحزب، سعد الدين العثماني، الطبيب النفسي، قليل الكاريزما، لكن لديه موهبة التفاوض. ، قبل العثماني بكل ما رفض بنكيران. نظريا، الطريق أمام العثماني معبدة في الحزب وليس هناك من يزعجه، لكن ظِل بنكيران قد يلاحقه ويزعجه، ولو كمناضل عادي في الحزب.