يرتقب أن يحيل وزير العدل، محمد أوجار، بعد أسابيع قليلة مشروعا جديدا يتعلق بالمسطرة الجنائية على البرلمان، يعيد النظر في السياسة الجنائية وسياسة الاعتقال بالمغرب، بعد أصبحت هذه الأخيرة وأسلوب الاعتقال وتنامي حالات الاعتقال الاحتياطي وما تعانيه المؤسسات السجنية من اكتظاظ بسبب المتعقلين الاحتياطيين، محط انتقاد واسع من قبل الحقوقيين والبرلمانيين والفاعلين السياسيين. وأهم ما ينص عليه المشروع الجديد، إعادة النظر في الاعتقال الاحتياطي، الذي لا يزال مرتفعا في المغرب، والذي بلغ إلى غاية فاتح أكتوبر من العام الجاري، 14352 معتقلا، من أصل 82484 بين معتقل وسجين، بنسبة تمثل 17,40 في المائة، وذلة بالرغم من حجم المذكرات التي بعث بها وزراء العدل السابقون، ولاسيما من قبل وزير العدل والحريات السابق، المصطفى الرميد، إلى النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية قبل أن تستقل عن سلطة وزارة العدل، تحثهم على اعتباره تدبيرا استثنائيا لتقليص عدد المعتقلين الاحتياطيين. المشروع الجديد الذي أحيل على الأمانة العامة للحكومة، حسب معطيات "اليوم24″، ركز على وضع ضوابط قانونية للاعتقال الاحتياطي، ويشدد على أنه لا يجب اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي إلا عند الضرورة القصوى. وينص المشروع الجديد على وضع معايير أكثر دقة للاعتقال الاحتياطي. فيما قررت وزارة العدل مراجعة حتى المدة المخصصة لهذا النوع من الاعتقال. ومن المستجدات المهمة الذي سيأتي بها هذا المشروع في باب الاعتقال الاحتياطي، أيضا، هو أن الشرطة القضائية والنيابة العامة ستكون مطالبة بأن تعلل قرارات الاعتقال بطريقة قانونية. وبعدما أثار موضوع وضع المواطنين تحت الحراسة النظرية من قبل ضباط الشرطة القضائية انتقادات كبيرة، لاسيما من قبل الحقوقيين، تعهد أوجار بإعادة مراجعة الضوابط القانونية المتعلقة بهذه الممارسة القانونية. وتعتزم الوزارة المسؤولة وضع آليات قانونية وتقنية للوقاية من التعذيب، من قبيل تعميم الكاميرات بمخافر الشرطة القضائية، ولاسيما خلال فترة الحراسة النظرية، وتشديد المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية، لتصبح بذلك كل السلوك الذي يقوم به هذا الجهاز تحت طائلة المساءلة، بعدما منح المشرع لضابط الشرطة القضائية هامشا واسعا في اتخاذ تدابير الحراسة النظرية، وبالنظر لخطورة هذه الممارسة واتصالها بالحرية الشخصية للافراد. المشروع الجديد سيأتي، فضلا عن ذلك، بتدابير جديدة تروم تدقيق العلاقة بين وزير العدل، ورئيس النيابة العامة، لاسيما في مجال السياسة الجنائية، بعد قرار استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، وفِي سياق الجدل الذي سبق أن أثير في عدة لقاءات لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان، إذ أثار النواب غموض المسؤولية في باب السياسة الجنائية، هل ستكون من مسؤولية وزارة العدل وبالتالي تخضع لمراقبة البرلمان أم ستؤول كليا للنيابة العامة، وبالتالي ستصبح أعمال وممارسات النيابة العامة خارج المراقبة كليا.