بعدما كشفت أشرطة فيديو، سجلها مهاجرون مغاربة محتجزون في السجون الليبية، مشاهد مؤلمة لشباب تحوّل حلمهم بالهجرة إلى عطش، وجوع، واحتجاز، خرج المفوض السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، بتصريحات تؤكد وجود هذه الممارسات في أماكن الاحتجاز الليبية. وقال الحسين، في تقرير نشره الموقع الرسمي للمفوضية، صباح أمس الثلاثاء، إن مراقبي حقوق الإنسان لدى الأممالمتحدة، قاموا بزيارة أربعة مراكز تابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في طرابلس، مطلع شهر نونبر الجاري، حيث قابلوا المحتجزين، الذين فروا من النزاع، والاضطهاد، والفقر المدقع من دولهم في جميع أنحاء إفريقيا، وآسيا. وقال زيد: "لقد أصابت الصدمة المراقبين لما شاهدوه: الآلاف من الرجال، والنساء، والأطفال، وقد أصابهم الهزال، والهلع، مكدسين فوق بعضهم بعض، ومحبوسين في مستودعات دون أن تتاح لهم إمكانية الحصول على أهم الضروريات الأساسية، وقد أنتزعت منهم كرامتهم الإنسانية". وأضاف المتحدث نفسه أن "العديد من المحتجزين سبق أن كانوا عرضة للاتجار، والاختطاف، والتعذيب، والاغتصاب، وغيره من أشكال العنف الجنسي، والسخرة، والاستغلال، والضرب العنيف، والمجاعة، وغيرها من الفظائع، خلال رحلاتهم عبر ليبيا، وتم ذلك غالباً على أيدي تجار البشر، أو المهربين". وقال رجل محتجز في مركز طريق المطار، التابع لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث يكتظ نحو 2000 مهاجر في مستودع يفتقر إلى مرافق صحية، يمكن استخدامها، متحدثاً إلى أحد موظفي الأممالمتحدة: "نحن مثل علبة الكبريت، لا نعرف النوم، ونعاني من الأمرا ض، ونفتقر إلى الغذاء، ولم نستحم منذ أشهر. سنموت جميعاً إذا لم يتم إنقاذنا من هذا المكان، هذا عذاب نفسي، فمن أشد الصعوبات البقاء على قيد الحياة مع رائحة البراز، والبول، والكثير منا ملقون على الأرض فاقدين للوعي". وروى الرجال، والنساء، والأطفال المحتجزون في المراكز التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية تعرضهم للضرب على أيدي الحراس، كما روت النساء تعرضهن للاغتصاب، وغيره من أشكال العنف الجنسي على أيدي المهربين، والحراس، وتحت تهديد السلاح. وناشد المسؤول الأممي، المنتظم الدولي للتدخل لوقف هذه المأساة الإنسانية، قائلا: "لا يمكننا أن نقف موقف المتفرج على العبودية الحديثة، والاغتصاب، وغيره من أشكال العنف الجنسي، والقتل غير القانوني باسم إدارة الهجرة، ومنع أشخاص يعتريهم اليأس، والقنوط من الوصول إلى شواطئ أوربا". وكان شباب مغاربة في السجون الليبية قد نشروا، قبل أيام قليلة، شريطين بالصوت، والصورة، يكشفان الظروف المأساوية، التي يعيشونها، بعدما ألقت السلطات الليبية القبض عليهم، قبل أن يتحقق حلم وصولهم إلى السواحل الإيطالية، مقابل أداء ما بين 3000 و4000 أورو لكل شخص. وناشد المحتجزون المغاربة الملك محمد السادس قصد التدخل العاجل لإنقاذ حياتهم، وتمكينهم من العودة إلى أرض الوطن، وقال أحدهم إنهم مغاربة في عز شبابهم، كان لهم طموح الوصول إلى إيطاليا، فأصبح مصيرهم اليوم مجهولا، ويعانون الجوع والعطش. واستغرب الشباب المغاربة من بقائهم وحدهم داخل السجون الليبية، بينما رحل المصريون، والتونسيون، والجزائريون، وباقي المهاجرون الأفارقة إلى دولهم، وأكدوا أن أغلبهم من مواليد عام 1999 و2000. وبعد تشديد إجراءات الحراسة على السواحل المغربية، أصبحت ليبيا وجهة الشباب المغاربة الطامعين في الوصول إلى أوربا بطريقة غير شرعية، حيث سبق للسلطات المغربية، أن أعادت 190مغربيا من العالقين في ليبيا عبر طائرتين، خصصتا لهذه المهمة، فيما لا يزال أعداد المغاربة المحتجزين هناك، أكبر مما أُعلن.