وجه المفكر عبد الله حمودي، أستاذ الأنثروبولوجيا ورئيس قسم الشرقيات بجامعة برنستون الأمريكية، انتقادات للسلطة في علاقتها بالأبحاث الاثنوغرافيا، مؤكدا أن الدولة في المغرب تاريخيا عرفت بتضييقها عن البحوث الاثنوغرافيا، رغم أن الجنرال أفقير كان وراء إرسال بعثات لتصوير جميل الوثائق التي أنجزت في علم دراسة الأعراق البشرية في مختلف المناطق، وهي الآن موجودة في أرشيف وزارة الداخلية. و أضاف حمودي، في حديثه أمام طلاب كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط صباح أمس الأربعاء حول ازدواجية تعاطي الدولة مع الأبحاث العلمية، أن هذه الأخيرة حرصت لسنوات على منع البحث في الاثنوغرافيا بدعوى أنها تفرق بين المغاربة، وتقنعهم بأنها عمل استعماري، لكنها كانت تحرمه على الباحثين وتحلل على نفسها وتستعمل هذه الأبحاث لتثبيت الحكم. وفي تشريحه لتاريخ تطور العلوم الاجتماعية بالمغرب خلال الدرس الافتتاحي لشعبة علم الاجتماع، أوضح حمودي أن الاثنوغرافيا قوبلت بنقطة استفهام، بينما السوسيولوجيا قوبلت وتطورت كأنها شيء طبيعي عندنا، متسائلا عن الأسباب التي جعلت تاريخ العلوم الاجتماعية في المغرب لا ينتج خطاب مستقل و متميز، والتقوقع في التساؤل والدعوة الى تأسيس علم عربي، مضيفا أن كل هذه الاشكالات كانت سبب عدم تطور الأبحاث في المغرب و سبب عدم تحول السؤال إلى منهح. ودعا حمودي الباحثين إلى ضرورة قابلة الرصيدين المعرفي والمفاهيمي بيننا وبين الغرب، موضحا أن الكتابة بتميز اعتمادا على الرصيد المفاهيمي الغربي، لا تعني استيراد الانتروبولوجيا من أمريكا و أوروبا. ويعتبر عبد الله حمودي (1945) أشهر عالم أنتروبولوجيا مغربي، تخرج من جامعة السوربون بفرنسا، واشتغل أستاذا بعدة جامعات مغربية وأمريكية. ومن أشهر مؤفاته "الشيخ والمريد.. النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة"، و"الرهان الثقافي وهم القطيعة"، و"حكاية حج".