رسم تقرير حديث للجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة صورة ضبابية عن سوق الشغل والمنظومة التعليمية في المغرب، حيث أكد أن التكوين لا يفي باحتياجات سوق الشغل، وأن الشركات تجد صعوبة في العثور على مواصفات تناسب احتياجاتها، وأردف أن "المستوى الذي وصلت له البطالة في صفوف الخريجين منذرة بالخطر وهي أحد الأعراض الواضحة لأزمة النظام التعليمي، فالتعليم لا يقلل من احتمالات البطالة وقد يزيد منها". التقرير الذي رصد "بطالة الشباب والتنمية المستدامة في شمال إفريقيا" في كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا، ومن المرتقب أن يقدم خلال الأيام القادمة في اجتماع الأممالمتحدة المنظم في الرباط إلى غاية بعد غد الجمعة، اعتبر أن المنظومة التعليمية في المغرب تعاني من مشكلتين أساسيتين: انعدام شبه تام لبرامج التكوين على مستوى الجامعات، مما يقلل من قابليتها على إعداد الطلبة لسوق العمل بالإضافة إلى مشكل تعلم اللغات. ومن بين التحديات الأساسية لسوق الشغل في المغرب ارتفاع البطالة، وافتقار اليد العاملة إلى مهارات، كما أن العمال المؤهلون أكاديميا يفتقرون للمهارات العملية، بالإضافة إلى عجز عن خلق مناصب شغل كافية، وارتفاع نسبة انتشار القطاع الغير المهيكل، وضعف العمل النقابي وانعدام حرية التعبير للتعريف بهذه المشاكل والمطالبة بإصلاحها. من جهة أخرى يعاني العمال من انخفاض تغطية الصحية والاجتماعية للعمال، إذ أن ثلث العمال الذين يعملون بعقد رسمي هم من يتمتعون بالتغطية، ونظام الحماية لا يتكيف مع أشكال أخرى من العمل وليس شاملا بما فيه الكفاية، وكما أن التفتيش يقتصر على مؤسسات القطاع المهيكل دون أن يشمل القطاع غير المهيكل. وحسب التقرير فقد أخفق المغرب لحد الآن في خلق ما يكفي من فرص العمل والكفاءة، وفرض توزيع متوازن للطلبة في مختلف الميادين العلمية، مشيرا إلى أن سوق الشغل المغربي في غاية من الجمود، ويميل إلى الإعاقة بدل تيسير إدماج القادمين الجدد إلى سوق العمل. وبالرغم من الطريقة التي تمت بها هيكلة التكوين المهني لتحسين حظوظ الشباب في ولوج سوق العمل، فإن الآفاق ليست مشجعة، إذ تبقى بطالة الطلاب الذين يتلقون التكوين المهني عالية جدا، وغير بعيدة عن تلك التي تصيب طلاب التعليم العالي. هذا وأفاد المصدر ذاته أن الطلبة يميلون إلى الاختيار بين ثلاثة ميادين من الدراسة، العلوم الاجتماعية والاقتصادية والأعمال والآداب والترجمة والتعليم والعلوم التقنية، بينما ميادين العلوم الصحية أو الهندسة لا يلجها إلا 3 في المائة من مجموع الطلبة في المغرب، وهو ما ينعكس سلبا على سوق الشغل، كما أن الجامعات لا تعتمد برامج رسمية لإعداد الشباب للتعبير والمشاركة في عمليات صنع القرار، مما يساهم في توسيع الهوة بين الطلبة والحياة العامة. التقرير ذاته قال إن التحديات التي يواجهها النظام التعليمي في المغرب تدفع بدوي الموارد الكافية إلى تدريس أطفالهم في مدارس خصوصية، وهو ما يؤدي إلى تفاقم وضعية التفاوتات الاجتماعية. ولتجاوز هذه التحديات في سوق الشغل، أكدت اللجنة الاقتصادية لإفريقيا في تقريرها، أنه على الحكومة المغربية عقد شراكات مع الشركات لتكوين أكبر عدد من الطلاب في التدريب التقني نظرا للحاجة الملحة لذلك، كما ينبغي أن يتم تركيز تدابير تشغيل الشباب على التكوين، فضلا عن برامج شاملة تجمع بين التكوين التقني والتكوين على مهارات الحياة، وأشارت إلى أنه ينبغي على السياسة التعليمية أن تركز على منطق النتائج والإنتاج وليس ما ينبغي أن يدرس والمقرارات الطويلة. من جهة أخرى نوه التقرير بجهود المغرب لتحسين معدل الالتحاق بالمدارس فيه، حيث أكد أن معدلات ولوج التعليم ارتفعت بالرغم من وجود بعض الفجوات ينبغي ردمها، حيث تحقق تحسن في ولوج الإناث القرويات، بنسبة 40 في المائة، من الفئة العمرية البالغة من 22 إلى 29 سنة ممن لم يسبق لهن الالتحاق بالمدرسة على الإطلاق، و ارتفعت نسبة الإناث المتمدرسات إلى 73 في المائة، من الفئة العمرية مابين 15 إلى 21 سنة، كما بلغت الفجوة بين الفتيان والفتيات القرويات على مستوى التعليم الابتدائي بنسبة 3.5 في المائة.