في كل سنة، وموازاة مع عيد الأضحى، يحتفل أمازيغ المغرب بسوس ومناطق بالأطلس المتوسط، بعادة بوجلود /بيلماون، كحدث ثقافي بالدرجة الأولى، له ارتباط كبير بالهوية الأمازيغية. ويؤكد بالملموس عبر الدراسات التي تناولها خاصة الفرنسيون في كتاباتهم، بأنها انتشرت بشمال افريقيا وبمنطقة المغرب الكبير بالظبط. وإيمانا منها بضرورة الحفاظ على هذا الموروث الثقافي الوطني، واستغلاله في الترويج لإسم جهة سوس ماسة، سياحيا بالدرجة الأولى عبر العالم. وبدعم من عمالة انزكان ايت ملول ومؤسسة المبادرات التنموية والجمعية الاقليمية بيلماون بودماون والجماعة الترابية لانزكان، تم تنظيم النسخة الثانية لكرنفال "بيلماون بودماون" بمدينة انزكان مساء السبت. شارك فيه أزيد من 800 مشارك يمثلون حوالي 40 جمعية، عرضوا لوحات فنية أثتت مسار الكرنفال المنظم تحت شعار "موروث بيلموان.. عراقة وتقاليد". وجاب شباب مفعم بالحيوية وروح الإبتكار ، مع تسجيل غياب التأطير والمصاحبة في إعداد اللوحات، مسارا بلغ طوله حوالي ثلاث كلمترات. وعمدت اللجنة المنظمة، أن يمر في الحدود مابين مدينتي الدشيرة الجهادية (مدينة الفنون) وانزكان (مهد الفنون). وتميزت نسخة 2017 من كرنفال بيلموان بودماون، بتخصيص فرجات "أسايس" أيام 2 و3 و4 و5 شتنبر الماضي بمناسبة عيد الأضحى المبارك. وهي فرجات توارثها الأجيال هنا بسوس أبا عن جد،بحيث تم تخصيص ساحات احتضنت احتفاليات هذه السنة، بكل من أحياء المزار وأكدال بأيت ملول، وإيكرو ماعي بالدشيرة الجهادية، وايمي واتراع بحي تراست والجرف وساحة أسايس القايد بانزكان.
وحسب تصريحات مهتمين بالشأن الثقافي واكبوا الحدث، فالإحتفال يبدأ بإستعداد شباب الأحياء (الدواوير والمداشر سابقا) قبل يوم عيد الأضحى بأسابيع، وتبدأ التداريب على ضبط الإيقاع أولا باستعمال الطبل والقراقب. ويسند غالبا ضبط إيقاع الطبل لأشخاص امتلكوا من التجربة والخبرة ما يكفيهم لأداء وصلات كناوية، تستمر في بعض الأحيان لأزيد من ساعتين دون توقف. وتنطلق بعدها مجموعات من الشباب بلباس موحد، عبارة عن "فوقية" غالبا بيضاء اللون مع عمامة تشد بها الرؤوس بضرب القراقب، وتسمع الإيقاعات الكناوية على بعد كلمترات. وما يميز احتفالية بوجلود تواجد شخصيات تضع على رؤوسها أقنعة الهدف منها إخفاء هوية المشاركين رفعا للحرج، وتظهر بين الجموع شخصيات من بينها "أوداي د تودايت /اليهودي وزوجته" والكاهن /الحزان، والفلاح، والعجوز والشيخ، والنصراني والشابة الممتدة القوام. وتختلف هذه الشخصيات حسب الزمان والمكان، وبينهم جميعا يظهر أشخاص يرتدون جلود المعز أو الخرفان، ويقومون بتعقب المتفرجين أحيانا بالجري وراءهم. وحسب العادة والتقاليد فهم يوزعون الخير والبركة، عبر أطراف المعز أو الخروف المتبثة بالجلود التي يلبسونها، ويقومون بحركات ودوائر على أجساد المارة، مع النطق ببعض التمائم أغلبها أذكار، وهو البعد الذي جعل الظاهرة ترتبط بالمجال الديني. ومع مرور الزمن تطورت العادة، وتأثرت اليوم بالتقدم التكنولوجي، وخاصة الإنترنت والفيديوهات التي تبثها كبريات الكرنفالات العالمية وخاصة بدول جنوبامريكا وبعض الدول الأوربية والإفريقية. وبدأ شباب الجمعيات يبدع في الاحتفالية، وظهرت شخصيات وأحداث جديدة طبعت الساحة الدولية، فمثلا خلال الأربع سنوات الماضية ظهرت لوحات فنية استعملت فيها مجسمات الطائرات والسيارات والدبابات، وشخصيات الجندي والدركي والشرطي والطبيب والأم وابنتها، والحرس البريطاني. وحضر البعد الافريقي بقوة في التظاهرة، عبر استقطاب المهاجرين الأفارقة الذين أصبحوا مقيمين بمدينة انزكان، والمنضوون تحت لواء جمعيات تؤطرهم، ليشاركوا بدورهم بلوحاتهم الفنية. وبالرغم من أهمية التظاهرة، إلا أن أصواتا تعالت بضرورة تقنين الميزانية المخصصة للكرنفال، وخاصة وأن قيمتها تجاوزت 200مليون سنيتم. ودعت ذات الأصوات إلى ضرورة إخراج الجمعية المنظمة من دواليب عمالة انزكان أيت ملول ورفع الوصاية عنها، وإنشاء مركز للدراسات يشرف عليه باحثون متخصصون ومهتمون بهذا التراث. ويمتلكون رؤية استراتجية لوضع تصور واضح للإستعراض،فأغلب العروض تم تقديمها في النسخة الأولى وأصبحت مستهلكة. وهنا يؤكد مهتمون بأن المصاحبة في إعداد اللوحات الفنية والاستعراضية، لابد أن يكون تحت أنظار خبير متخصص في عالم الكرنافلات، خاصة وأن نسخة 2017 غاب عنها السياح. ولم يعاينهم "اليوم24″، على طول مساره، وهو الأمر الذي قال عنه البويعقوبي أستاذ بجامعة ابن زهر ، بأن 5 ملايين سائح يبحثون سنويا عن الكرنفلات عبر العالم، وانزكان يمكن أن تكون محطة عالمية يضعها هؤلاء السياح في أجنداتهم السنوية.