بالرغم من أن شوارعها لم تعرف أي مسيرة منذ التاسع من غشت بعد جنازة عماد العتابي، الذي توفي إثر إصابته في مسيرة ليلة العشرين من يوليوز، إلا أن الحسيمة تعيش على وقع الانتظار والاحتقان؛ احتقان لأن موجة الاعتقالات لم تتوقف منذ تشييع جنازة العتابي، وزاد من حدتها مشاركة أهل الحسيمة في مسيرة إمزورن الإقليمية الأحد الماضي، فتوالت الاعتقالات من جديد بعد ذلك، دون قدرة النشطاء على تحديد كم وصل عدد المعتقلين، إلى حين تقديمهم أمام النيابة العامة ومن بينهم نشطاء على الفايسبوك الذين تم اعتقالهم أول أمس الاثنين. أما حالة الانتظار، فهي مرتبطة لما يمكن أن يسفر عنه تاريخ 20 غشت حول وضعية المعتقلين، وما إن كان سيشملهم عفو ملكي بمناسبة "ثورة الملك والشعب". "حزن عميق وجماعي وعدم الرغبة في التراجع إلى الوراء.. وانتظار"، هذا هو منحى الشعور العام بالحسيمة، وحتى وإن كانت هناك رغبة في التهدئة من طرف الساكنة وانتظار محطة 20 غشت، إلا أنه "من المفترض أن تكون هناك إشارات إيجابية وبعض الضمانات من طرف الدولة التي تؤكد أنه سيكون هناك انفراج ما". هذا ما أكدته سعاد شيخي، النائبة البرلمانية السابقة عن حزب العدالة والتنمية، في تصريح ل"أخبار اليوم"، مردفة أن "استمرار الاعتقالات لا يبدي نية التهدئة"، خاصة وأن "هناك اعتقالات كثيرة في صفوف القاصرين بإمزورن وتماسينت والحسيمة"، تضيف شيخي، مؤكدة أن الاعتقالات جعلت الحراك يعرف تحولا كبيرا تجلى في انخراط فئات أخرى لم تكن منخرطة منذ بداية الحراك، فبعد أن كانت الفئة الأولى التي شكلت نواة الحراك هي الشباب العاطلون والفئات الهشة، تقول شيخي، فإن الحراك الآن جمع حوله فئات أخرى من مهنيين وتجار وحتى من كانوا متحفظين في البداية ليس على مطالب الحراك، بل على حدة الخطاب، وذلك بدءا من مسيرة 20 يوليوز التي شكلت بداية هذا التحول. هذا، وترى شيخي أن سبب هذا التحول هو "المقاربة الأمنية وموجة الاعتقالات الواسعة التي جعلت أهل الحسيمة كلهم يتضامنون فيما بينهم من أجل إطلاق سراح أبنائهم"، خاصة وأن ما يحكمهم هو أنه "أخلاقيا لا يمكن أن يتخلوا عنهم والجميع يعرف أنهم اعتقلوا من أجل مطالب عادلة ومشروعة تهم كل ساكنة الحسيمة، ولم يُعتقلوا من أجل أمور شخصية"، إذن فمن الصعب، تقول شيخي، أن تتخلى الساكنة عن المعتقلين، مردفة أن في هذا الانخراط القوي "نلمس تشبثا وعدم رغبة في التراجع دون تبرئة المعتقلين وهو أمر يتطلب حلا سياسيا، والناس ينتظرون تدخلا ملكيا بالعفو مع البراءة"، لأن هناك تهما ثقيلة، موجهة لنشطاء الحراك، تضيف شيخي، "نعرف أن لا أساس لها من الصحة وفي غياب إثباتات عليها، إذ إن أبسط شيء مطروح الآن هو إطلاق سراح المعتقلين مع البراءة وتقديم الاعتذار"، تقول شيخي. عائلات المعتقلين تنتظر الإفراج عن أبنائها بمناسبة 20 غشت، حتى و"إن كان الأمل ضعيفا"، على حد تعبير عبداللطيف الأبلق، أخ المعتقل ربيع الأبلق، في تصريح له ل"أخبار اليوم"، الذي أكد فيه أنه "رغم أن الأجواء تبدو عادية من حيث غياب مسيرات بالحسيمة إلا أنه لازال بها وجود أمني كثيف"، وأن العائلات تعيش حالة "ترقب ولا يمكن أن تقوم بأي شيء قبل 20 غشت". الأمر ذاته أكد عليه محمد أحمجيق، أخ نبيل أحمجيق، بكون العائلات تنتظر "20 غشت"، مؤكدا أنه مع "استمرار الاعتقالات الواسعة تبقى إمكانية الإفراج معلقة"، مضيفا أن "الحسيمة تعيش على وقع نزيف مستمر وحصار أمني"، الأمر الذي يجعل في نظره "أن أي حل هو بيد من يملكون القرار".