تعدّ دورة أبريل 2013 لمجلس الأمن حول الصحراء منعطفا نوعيا في تعامل الأممالمتحدة مع هذا الملف، و يمكن أن نربط إعداد مسودة مشروع المقرر الذي لوّحت به الممثلة السابقة للولايات المتحدة بمجلس الأمن، بعمل اللوبيات التي تدعم البوليساريو لكن رد فعل الشعب المغربي القوي الذي رفض في موقف وطني متراص، أيَّ مس بالوحدة الترابية، هو الذي أثنى حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية عن دعم مقترح مندوبتها، كما كان لهذا الموقف أكبر الأثر على أعضاء مجلس الأمن لإبعاد مشروع توسيع مسؤولية بعثة الأممالمتحدة في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. لكني لا أتفاءل كثيرا بالنسبة للمستقبل، خصوصا وأن مقرَّر مجلس الأمن ترك سيف «ديموكليس» على رقبة المغرب في ميدان احترام حقوق الإنسان. لقد عمل المغرب على بدل كل الجهود من أجل الوصول إلى تسوية سلمية عادلة في صحرائه المسترجعة. وقبِلَ التعامل الإيجابي مع مخطط دي كويلار، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، الذي أدى إلى وقف إطلاق النار سنة 1991 وقيام بعثة الأممالمتحدة بالصحراء لمراقبة ذلك والإعداد، عن طريق لجن تحديد الهوية، لقائمة الناخبين الصحراويين الذين سيشاركون في استفتاء تقرير المصير. البعثة الأممية لم تكن عند الانطلاق آلية حقوقية أممية، وبالتالي فإن توسيع مهمتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالساقية الحمراء ووادي الذهب يعطيها دورا لا يمكن إلا أن ينسف البحث عن حل سياسي متوافق عليه. فمُهمّتها أصلا تنحصر في مراقبة وقف إطلاق النار وترتيب تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء. لكن الأممالمتحدة تخلّت عن اللجوء إلى صناديق الاقتراع بعد فشلها في تحديد هوية كل الصحراويين الذين لهم حق المشاركة في الاستفتاء. ومسؤولية قيادة البوليساريو قائمة في هذا المضمار بسبب رفضها تسجيل عشرات الآلاف من أبناء الصحراء في اللوائح الانتخابية، وهو ما جعل المغرب يرفض تنظيم استفتاء غير ديمقراطي. قبِلَ المغرب مقرَّر مجلس الأمن الداعي إلى إيجاد حل سياسي متوافق عليه. وعمل مع الممثل الشخصي للأمين العام، بدءا من جيمس بيكر، الذي قبل مقترحه الأول الذي رفضته الحكومة الجزائرية وقيادة البوليساريو، وبعده ولتسوم، الذي أعلن أن حل استقلال الصحراء غير واقعي، ونهاية بكريسطوفر روس. وبإعلانه سنة 2007 عن مشروع الحكم الذاتي لحل النزاع، اختار المغرب الطريق الصحيح والموقف الإيجابي حقا من اقتراح مجلس الأمن. فالحكم الذاتي كأرضية للمفاوضات يوفر لأبناء الساقية الحمراء ووادي الذهب، وهم أغلبية الصحراويين، انتخابَ برلمان جهوي، كما يوفر ذلك للأقلية القائمة بمخيمات تيندوف والحمادة. انتخاب برلمان جهوي، أي سلطة تشريعية جهوية تنبثق عنها حكومة يقترحها رئيس يصبغ عليه الملك رداء ممثل الدولة في الجهة. اقتراح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء، يحفظ ماء الوجه للحكومة الجزائرية ويفسح المجال للبوليساريو للرجوع إلى أرض الوطن وتحمل المسؤولية بإرادة الناخبين، ويرسخ في نفس الوقت الوحدة الترابية للمغرب. مضى، حتى الآن، ما يقرب عن ست سنوات على الاقتراح المغربي. هذه المبادرة يجب أن تبقى مطروحة أمام الأممالمتحدة وقابلة للتحيين والملائمة طبقا للاجتهادات القانونية التي يعرفها المجتمع الدولي. لكن المغرب، وهو متشبث باقتراحه، لا يمكن أن يظل منتظرا إلى ما لانهاية، إلى حين أن تقبله قيادة البوليساريو كأرضية للحوار وتنخرط، حقيقا، في مسلسل إيجاد الحل السياسي المنشود، زد على ذلك، أن الممثل الشخصي للأمين العام كريستوفر روس، الذي قبِلَ المغرب أن يتعامل معه مجددا بعد سحب الثقة منه، على ضوء ما قدمه بان كي مون للملك من ضمانات، لا يتصرف إيجابيا مع ما أكده مجلس الأمن من أن المقترح المغربي للحكم الذاتي يتصف بالجدية والواقعية والمصداقية.