تستأنف الاربعاء محاكمة عدد من الصحافيين العاملين في قناة الجزيرة الفضائية القطرية في مصر بينهم اربعة اجانب, في قضية اثارت انتقادات دولية وحقوقية ضد الحكومة المصرية المتهمة بعدم احترام "حرية التعبير". تاتي القضية التي تحظى باهتمام دولي كاختبار حقيقي للسلطات الجديدة حول مدى احترامها ل"حرية التعبير والصحافة" وسط مخاوف نشطاء مصريين من عودة "الدولة القمعية" في مصر. كما تاتي هذه المحاكمة لصحافيي قناة الجزيرة القطرية في ظل اجواء من التوتر في العلاقات بين القاهرةوالدوحة, احدى ابرز الداعمين الاقليميين لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي. وتتهم النيابة العامة في مصر 20 صحافيا, من بينهم الاسترالي بيتر غريست والمصري الكندي محمد فاضل فهمي, بنشر اخبار وشائعات كاذبة وصور غير حقيقية ودعم جماعة الاخوان. وتم توقيف ثمانية فقط من 20 متهما في هذه القضية فيما لا يزال 12 اخرين طلقاء بينهم ثلاثة اجانب. وفهمي الذي عمل لحساب شبكة "سي ان ان", صحافي معروف في القاهرة لا تعرف عنه علاقة مع الاخوان المسلمين. اما غريست فعمل لحساب "بي بي سي" ونال جائزة بيبودي المرموقة في 2011 على تحقيق صحافي اجراه حول الصومال. ثلاثة من الاجانب المدرجين على لائحة الاتهام سيحاكمون غيابيا لوجودهم خارج مصر, وهم البريطانيان سو تورتون ودومينيك كاين, والصحافية الهولندية رينا نيتجيتس. ورغم اتهامها في القضية تؤكد رينا انها لم تعمل في قناة الجزيرة. وقد تمكنت من الفرار من مصر في 4 فبراير. بدات اولى جلسات المحاكمة في 20 فبراير الماضي. وقال غراست الذي ارتدى ملابس الحبس الاحتياطي البيضاء للصحافيين من داخل قفص الاتهام, انه "منهك نفسيا واذا طبق القانون فسيتم اطلاق سراحنا قريبا". وغراست هو الصحافي الاجنبي الوحيد الذي يحاكم حضوريا في هذه القضية. وندد غراست في رسالة كتبها من محبسه في سجن طرة ونشرتها الجزيرة, بغياب حرية الصحافة في مصر. وقال غراست ان "الدولة لا تقبل باي صوت مغاير, سواء من الاخوان المسلمين او من اي منتقدين اخرين" مشيرا الى ان "السجون تعج بكل الذين عارضوا الحكومة او تحدوها". من جانبها, نفت الجزيرة التهم الموجهة الى صحافييها معتبرة انه "لا اساس لها". واوضحت الجزيرة في بيان ان "السلطات المصرية اصدرت قائمة تتضمن اسماء تسعة موظفين لدى شبكة الجزيرة, أما باقي العشرين فلا يمتون للجزيرة بصلة". وفي حال ادانتهم, يواجه المتهمون عقوبة تصل الى السجن سبع سنوات للاجانب و15 سنة للمصريين. واثارت القضية انتقادات دولية عاصفة ضد السلطات الجديدة في مصر. وادانت منظمة "مراسلون بلا حدود", التي تتخذ من باريس مقرا لها, ما اسمته "استمرار الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات المصرية ضد الحريات الأساسية المكفولة والمحمية" في الدستور المصري الذي اقر نهاية كانون الثاني/يناير الماضي. وقالت المنظمة في بيان لها الثلاثاء ان السلطات المصرية "لا تتوانى عن استخدام اي اسلوب لتكميم أفواه من لا يتبنون الرواية الرسمية" للسلطة. وسبق ان اعتبرت منظمة العفو الدولية التهم الموجهة للصحافيين "انتكاسة كبرى لحرية الصحافة" مؤكدة ان ذلك "يوجه رسالة مخيفة بان رواية واحدة للوقائع مقبولة اليوم في مصر وهي تلك التي تسمح بها السلطات", ووصفت الصحافيين بانهم "سجناء رأي". واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش ان المحاكمة جزء من حملة قمع للمعارضين تشنها الحكومة الانتقالية. وقالت المنظمة في بيان الخميس ان "السلطات المصرية لم تسمح بالمرة خلال الشهور الاخيرة بأي شكل من اشكال المعارضة فاوقفت واحالت للمحاكمة صحفيين ومتظاهرين واكاديميين لانهم عبروا عن ارائهم سلميا". ومنذ الاطاحة بمرسي, توترت العلاقات بين مصر وقطر التي تعد من ابرز الداعمين الاقليميين لمرسي ولجماعة الاخوان المسلمين. ويؤكد مسؤولون مصريون ان قناة الجزيرة تعمل لصالح الدوحة ضد القاهرة, وانها منحازة للاخوان المسلمين. وتستضيف القناة باستمرار انصارا للاخوان ولمرسي من بينهم قيادات اسلامية مطلوبة في مصر. وداهمت الشرطة المصرية من قبل مكاتب للجزيرة في القاهرة حيث جرت مصادرة معدات بث. وتتعرض الجزيرة, لا سيما قناتها الناطقة باللغة العربية, لانتقادات كثيرة في العالم العربي بسبب تغطيتها التي يقول البعض انها منحازة.