تبنى نزار بركة، الرئيس الجديد للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تقرير سلفه شكيب بنموسى، الذي كان قد رسم صورة قاتمة عن أحوال البلاد الاقتصادية والاجتماعية، في وقت كان فيها وزيرا للاقتصاد والمالية في حكومة عبد الإله بنكيران. وجد الرئيس الجديد للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الاستقلالي نزار بركة، نفسه في مواجهة السيل الكبير من الملاحظات التي تضمّنها التقرير السنوي الأخير للمجلس، والذي قدّمه الرئيس السابق شكيب بنموسى للملك محمد السادس في آخر أيام رئاسته للمجلس. التقرير الخاص بالعام 2012، تضمّن صورة قاتمة عن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، في فترة كان فيها نزار بركة وزيرا للمالية ضمن حكومة عبد الإله بنكيران. التقرير سلّط الأضواء على مجموعة من الاختلالات والنقائص المرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر بالأداء الحكومي. من بين تلك الاختلالات، الانتظارية والبطء اللذان عاشهما المغرب السنة الماضية جراء تأخر المصادقة على القانون المالي، وجمود الأوراش الإصلاحية الكبرى المرتبطة بالمالية العمومية من قبيل إصلاح صندوق المقاصة وصناديق التقاعد والإصلاح الضريبي... وفي أولى خرجاته الإعلامية منذ تعيينه رئيسا للمجلس من طرف الملك محمد السادس وتحوّله إلى أول وزير يغادر رسميا ونهائيا حكومة عبد الإله بنكيران، عقد نزار بركة صباح أمس بمقر المجلس، ندوة صحافية لتقديم مضامين التقرير السنوي الأخير للمجلس، والذي حرص في بداية كلمته على التأكيد مرتين أن التقرير أُعدّ وقدّم في عهد سلفه شكيب بنموسى. وردا منه على سؤال ل» اليوم 24 » عما إن كان يحتفظ بمسافة بينه وبين التقرير، عاد نزار بركة ليقول إن التقرير يعبّر عن رأي المجلس، «وبصفتي الرئيس الجديد، لا يمكنني إلا أن اعتبر أن التقرير هو تقريرنا جميعا، فأنا كرئيس أصبحت أيضا عضوا في المجلس وبالتالي احترم آراء المجلس ككل». وعن رأيه في المؤاخذات التي تضمنها التقرير اتجاه الأداء الحكومي، قال بركة إن «التقرير يتحدث عن السنة الماضية، والعديد من الأمور تم الأخذ بها، من بينها ما يتعلق بالجانب الضريبي، حيث كانت هناك اقتراحات من المجلس، وأثناء المناظرة التي نظمت في أبريل الماضي، تم اعتماد عمل المجلس كأرضية للنقاش، بالإضافة أيضا إلى مساهمة المجلس في أشغال المناظرة، ثم كان هناك تجاوب مع توصيات المجلس في المجال الضريبي من خلال خطاب العرش خاصة بالنسبة للقطاع الفلاحي، وهذا يبرهن أن للمجلس دورا أساسيا، وأن الحكومة اعتمدت أعمال المجلس في إصلاحات كبرى خاصة الإصلاح الضريبي». ومضى بركة في دفاعه عن فكرة عدم وجود تعارض بين المجلس والأداء الحكومي، بالقول إن التقرير السنوي الأخير للمجلس ركّز على ضرورة الإسراع في الإصلاحات والتشاور حولها، «وهي توصية تنخرط في الرؤيا التي تستهدف من خلالها الحكومة العمل على تسريع وتيرة الإصلاحات الكبرى ذات الصبغة الهيكلية»، مضيفا أن المجلس له استقلالية في القرار يستمدها من طبيعة مكوناته، وأن «الدستور يخول له هذه الاستقلالية، وبالتالي فإن دور المجلس لا يدخل في إطار الانتقاد بل التوصية والتحفيز نحو التحسين، وهذا الدور الاستشاري يجعل من مهامنا التقييم، وكذا ذكر ما ينبغي القيام به مستقبلا من أجل تحسين وتطوير الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية». نقطة تماس جديدة أضافها نزار بركة مع الأداء الحكومي والبرلماني، حيث أعلن عن اعتزامه إحداث آلية تتولى تقييم الآثار الناجمة عن الآراء والتقارير التي يصدرها المجلس، ومدى أخذ السلطتين التنفيذية والتشريعية بها. وعما إن كان يبحث عن صلاحيات تقريرية بهذه الخطوة، نفا نزار بركة ذلك، موضحا أن الدستور واضح بهذا الشأن، «ودور المجلس استشاري وليس تقريريا، والهدف بالنسبة إلينا هو ضمان المتابعة ومعرفة مدى الأخذ بآرائنا وبالتي معرفة جودة الأعمال التي تصدر عنا وتطوير هذه الجودة». لمسة أخرى قال بركة إنه ينوي القيام بها على المجلس، وتتمثل في وضع خطة تواصلية جديدة و»مبتكرة»، «لتسويق الخصوصية التي يتمتع بها المجلس كقوة اقتراحية، للمساهمة في إشعاع المجلس وطنيا ودوليا، وتوثيق العلاقة بالمجالس المشابهة في الدول الأخرى، خاصة في الدول الإفريقية، والتي ستتعزز مستقبلا». ولم يفت بركة التأكيد على أهمية ما حقّقه المجلس في عهد سلفه شكيب بنموسى، موضحا أنه سيمضي في «تثمين» المكتسبات التي تحققت. ومن بين الأوراش الكبيرة التي ورثها بركة عن بنموسى، ورش إعداد نموذج تنموي جديد خاص بالأقاليم الصحراوية. ورش قال عنه بركة إنه سيعرف انطلاقة جديدة، بإطلاق مشاورات جديدة هذا الأسبوع تستمر إلى غاية منتصف الشهر الحالي، عبر ثلاث محطات هي كل من العيون والداخلة وكلميم، من أجل إغناء وتطوير التصور الذي توصّل إليه المجلس حتى الآن.