إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها    طقس الاثنين .. امطار مرتقبة بالريف والواجهة المتوسطية    الحنودي: اقليم الحسيمة سيستفيد من غرس 3000 هكتار من الأشجار المثمرة خلال الموسم الفلاحي الحالي    مهرجان "الفن" يشعل الدار البيضاء بأمسية ختامية مبهرة    بعد الحكم عليه ابتدائيا ب 20 سنة سجنا.. تخفيض عقوبة استاذ اعتدى جنسيا على تلميذته بالحسيمة    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحومة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي    وسط أجواء حزينة.. فنانون يشيعون الفنانة الراحلة نعيمة المشرقي لمثواها الأخير بمقبرة الشهداء (فيديو)    تغييب تمثيلية للريف باللجنة المركزية للاستقلال يقلق فعاليات حزبية بالمنطقة    ردا على قرار محكمة العدل الأوروبية.. الجمعية المغربية للمصدرين تدعو إلى تنويع أسواق التصدير    الملك محمد السادس يشارك الأسرة الفنية في حزنها لفقدان نعيمة المشرقي    7 سنوات على موجة "مي تو"… الجرائم الجنسية تهز قطاع صناعة الموسيقى بالولايات المتحدة    رسميا.. ريال مدريد يمدد عقد كافاخال حتى عام 2026    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بالجديدة نهائي النسخة السابعة من الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للتبوريدة    النمسا تكشف عن موقفها من قرار محكمة العدل الأوروبية    إثر تهجمه على ماكرون.. الإليزيه: تصريحات نتنياهو "مبالغ فيها"    قتيلة وجرحى في إطلاق نار جنوب إسرائيل    فخ "الموساد" القاتل .. هكذا تحولت أجهزة اتصالات "حزب الله" إلى قنابل موقوتة    زراعة الفستق تزدهر في إسبانيا بسبب "تكيّف" الأشجار مع التغير المناخي    استقرار سعر صرف الدرهم مقابل الأورو وتراجعه أمام الدولار    كارفاخال يخضع لعملية جراحية بعد إصابته الخطيرة    موكوينا: غياب الجمهور غير مقبول بالمغرب        إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني    الآلاف يخرجون في مسيرة في الرباط تضامنا مع غزة وبيروت    مشروع لغرس 500 هكتار من الاشجار المثمرة ب 6 جماعات باقليم الحسيمة    تصفيات "كان" 2025.. نفاذ تذاكر مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى بعد يوم من طرحها    أستاذ جامعي يلجأ للقضاء بعد تعرض حساباته ومجلته الأكاديمية للقرصنة والاختراق الإلكتروني    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يكشف تفاصيل لقائه مع وزارة الصحة لتنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024    غوتيريش يدعو إلى وقف "سفك الدماء" في غزة ولبنان    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي    انتخابات رئاسية باهتة في تونس يغيب عنها التنافس        افتتاح المسبح المغطى السومي أولمبي بتاوريرت        الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية    أنفوغرافيك | بالأرقام .. كيف هو حال إقتصاد غزة في الذكرى الأولى ل "طوفان الأقصى" ؟    معرض الفرس الدولي في نسخته 15.. غاب عن فعالياته رواق وعروض ال DGSN    ترامب يعود لمكان محاولة اغتياله: "لن أستسلم أبداً"    23 قتيلا في غارات اسرائيلية على لبنان    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    أمن طنجة يحقق مع سيدة هددت شابة بنشر فيديوهات جنسية لها    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)            دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النار قريبة من الحطب والمطلوب 9 مارس جديدة
نشر في اليوم 24 يوم 28 - 05 - 2017

حراك الريف يتمدد إلى مدن أخرى، وحرارة الاحتجاج انتقلت من الحسيمة إلى تارجيست وفاس والدشيرة الجهادية والناظور وتوجطات ونواحي مكناس… فيديوهات ناصر الزفزافي على اليوتيوب أصبحت «سيتكوم» شعبيا يتابعه الرأي العام الوطني كل مساء.
يوم أمس انتقل قائد الحراك في الريف من الخطابة في الشارع وأمام حشود الجماهير، إلى الخطابة في المسجد أمام المؤمنين، بعدما نزع الكلمة من خطيب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الذي حذر المصلين من مخاطر السقوط في الفتنة والخروج عن طاعة ولي الأمر. انتفض الزفزافي ورفاقه في وجه الأمام المسكين، واعتبروه واحدا من علماء السلاطين الذين حذر النبي (ص) من خطورتهم على الأمة، حين قال: «إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين».
لم يعد الزفزافي يواجه فقط خطاب الحكومة والإعلام الرسمي والأحزاب السياسية والصحف الموالية، بل صار يناهض الخطاب الديني للدولة في مساجدها الرسمية، محاولا انتزاع هذا السلاح من يدها، سلاح الدين، وتسخيره لخدمة توجه السلطة السياسي وخطتها لإطفاء الحرائق في الريف.
عندما يصل الاحتجاج إلى المساجد، بكل حمولتها الرمزية والقدسية، فهذا معناه أننا دخلنا إلى حقل خطير، وعندما تنتقل الاحتجاجات بالعدوى من مدينة إلى أخرى، ومن الأقاليم إلى البوادي، التي كانت على الدوام خارج حركية الاحتجاج، فهذا معناه أن النار قريبة من الحطب في بلاد لن يجد فيها أحد صعوبة في كتابة دفتر مطالبه الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، وإشهاره في وجه الدولة.
الغريب أن ملف إدارة هذا «الجيل الجديد من الاحتجاجات» أعطي، منذ اليوم الأول، للتقنوقراط، ولوزارة الداخلية، وتم استبعاد الحكومة، سواء حكومة بنكيران أو حكومة العثماني. وعندما أرادت السلطة استعمال غطاء سياسي لخطاب تخوين حراك الريف، استدعت زعماء الأحزاب السياسية، الذين لم يتأخروا في ترويج حكاية الانفصال والعمالة للخارج. ثم لما أعطت هذه المقاربة نتائج عكسية تماما، رجعت الأحزاب ذاتها لتتحدث عن مشروعية الاحتجاجات، وعن الاستعداد للاستجابة لمطالب السكان، دون أن يبالي أحد بقيمة مهمة في هذه الحكاية، ألا وهي المصداقية.
كون الاحتجاجات التي انطلقت في الريف ذات طابع اجتماعي، هذا لا يعني أن حلها الحصري عند وزراء الفلاحة أو التجهيز أو الداخلية أو الثقافة أو الصحة أو السكن أو الماء… الاحتجاجات لها طابع سياسي أيضا، وهو أهم محرك لوجدان المتظاهرين، وسيكولوجياتهم، ونظرتهم إلى الدولة والسلطة والحكم والحكومة، ومسار الإصلاح المتعثر الذي تلقى ضربة مؤلمة طيلة أشهر البلوكاج الستة، التي انتهت بانقلاب ناعم على نتائج اقتراع السابع من أكتوبر، حتى وإن قبل به حزب العدالة والتنمية وفريق سعد الدين العثماني، فهذا القبول لم يضف على هذا الانقلاب السياسي شرعية، ولم يخف إرادة إغلاق القوس الذي فتح قبل خمس سنوات، وها نحن أمام «ربيع مغربي» جديد يطلق عليه الزفزافي «حراك الريف»، الفرق بينه وبين حركة 20 فبراير، التي نزلت إلى الشارع سنة 2011، أن الحراك الأول كان سياسيا أولا واجتماعيا ثانيا، وهذا الحراك الجديد اجتماعي أولا ثم سياسي ثانيا، أما الفرق الثاني فهو أن حركة 20 فبراير كانت بلا رأس ولا قيادة، فيما حراك الريف له رمز وله قائد، مهما اختلفنا معه ومع أسلوبه الاحتجاجي، أما الفرق الثالث فهو أن حركة 20 فبراير انطلقت من المركز ووصلت إلى الأطراف، أما حراك الريف فقد انطلق من الهامش ويحاول التمدد إلى المركز… بغطاء ديني واجتماعي وسياسي وعرقي، ليؤسس حركة المحرومين من ثمار النمو والمهمشين من سياسة الدولة. ما العمل؟
إننا أمام لحظة فارقة ودقيقة وخطيرة من حياة البلد ومستقبل استقراره. عندما يبعث الملك وفدا وزاريا باسمه إلى الحسيمة، ويجلس مع الناس هناك، ويلتزم بتحقيق عدد من المطالب التي أخرجت المواطنين إلى الشارع، ومع ذلك تزداد حرارة الحراك وسخونة الاحتجاج، وتكبر كرة الثلج المتدحرجة من شمال المغرب إلى جنوبه، هنا لا بد من وقفة تأمل ومراجعة. لا يمكن للدولة أن تتصرف مثل ذلك الرجل الذي يمتنع عن حفر بئر في الصحراء إلى أن يشعر بالعطش. المغاربة تغيروا، وإيقاع الحياة في بلادهم تغير، والوسائل التي بين أيديهم للتعبير عن مطالبهم تغيرت، والخوف في نفوسهم تغير، وهيبة الدولة في عقولهم تزحزحت، لكن السلطة مازالت تنظر إليهم بنظارات الماضي، ومازالت تعتمد على التقنوقراط الذين قال عنهم حسن نراغي، وهو ينصح الشاه: «التقنوقراط آلات تجيب عن الأسئلة التي تطرح عليها، ولا تطرح هي الأسئلة، وأصحابها يتبعون صاحب القرار من الخلف، ولا يشيرون عليه سوى بما يريده لا بما يجب.. بما يحبه لا بما يكرهه».
عندما كان بنكيران يحذر من خطورة عودة الربيع العربي إلى المملكة، ويقول: «الربيع مازال كيدور ويمكن يرشق ليه ويرجع»، كان خصومه يتهمونه بابتزاز الدولة، وبث الخوف فيها لتنقاد إليه وإلى مشروع «الأخونة» الذي كان يخفيه.
الآن نحن أمام ساعة حقيقة، حيث تجرب الدولة كل المقاربات لحل الأزمة، إلا المقاربة السياسية. الأزمة التي كشفها حراك الريف، الذي يتمدد مثل بقعة زيت، تحتاج إلى إدارة سياسية، وإلى قرار شجاع، وإلى سرعة قياسية، مثل تلك التي تصرف بها الجالس على العرش يوم التاسع من مارس سنة 2011، عندما خرج إلى شعبه معلنا حزمة من الإصلاحات الدستورية والسياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، ووعد بإصلاح حقيقي لأحوال بلاد داء العطب فيها قديم، على وزن عنوان كتاب للسلطان مولاي حفيظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.