يوجد خوان كارلوس، العاهل الإسباني السابق، في قلب عاصفة جديدة، بعدما كشفت وثيقة سرية أمريكية أنه كان على استعداد لتسليم مدينة مليلية المحتلة للراحل الحسن الثاني بعد نجاح المسيرة الخضراء (1975)، كما أنه كان على استعداد لجعل مدينة سبتةالمحتلة منطقة دولية لا تخضع لسيادة أي من البلدين، كما كانت مدينة طنجة ما بين 1923 و1956. المعطيات الجديدة، التي تضمنها كتاب تحت عنوان: «ملك الديمقراطية» قدمته دار النشر «غالكسيا غوتينبيرغ» الإسبانية، أول أمس الخميس في مدريد، تفيد بأن الملك خوان كارلوس قبِل في 1979 بإمكانية التنازل عن مدينة مليلية المحتلة للمغرب، وإخضاع مدينة سبتة لنظام «الحماية الدولية». نوايا خوان كارلوس تلك عبر عنها خلال لقاء جمعه، في 30 أبريل 1979 بقصر «ثارثويلا» بمدريد، بالمستشار الأمريكي Ed Muskie، المبعوث الشخصي حينها للرئيس الأمريكي جيمي كارتر، للقيام بجولة في أوربا من أجل مناقشة أهم التحديات المشتركة التي كانت تواجه أمريكا وأوروبا حينئذ. وكالة الأنباء «أوروبا بريس» كشفت، كذلك، أنها اطلعت على النسخة الأصلية من البرقية السرية الأمريكية، التي تتضمن خلاصة 90 دقيقة من اللقاء الذي جمع بين خوان كارلوس والمستشار الأمريكي والسفير الأمريكي بإسبانيا، Terence Todman. هذه البرقية أرسلتها البعثة الدبلوماسية الأمريكيةبمدريد إلى الإدارة الأمريكية، التي رفعت عنها السرية في 2014، قبل أن يعثر عليها شارلس بويل، الباحث ومدير المعهد الملكي الإسباني، ويدرجها في كتاب «ملك الديمقراطية»، الذي شارك فيه 10 باحثين. البرقية الأصلية تكشف أن خوان كارلوس قال للمبعوث والسفير الأمريكيين إن «المسألة الكبيرة بين إسبانيا والمغرب تتجسد في الثغرين المحتلين»، فيما يقول محررو الوثيقة: «يعتبر خوان كارلوس أنه يمكن التنازل عن مليلية للمغرب في وقت قريب نسبيا، لأنها تضم 10 آلاف إسباني فقط»، أما في ما يخص سبتة، كان خوان كارلوس يرى أن وضعها معقد، لأنه -حسب زعمه- يعيش فيها 60 ألف إسباني، ما يجعل من الصعب جعلها تحت السيادة المغربية، لذلك اقترح أن «أفضل حل ربما» وضع نظام شبيه بذلك الذي كان يسود في طنجة الدولية، وتخضع لتدبير مشترك بين المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوربي. غير أن خوان كارلوس اعترف بأن الجيش سيرفض مقترحه، ولكنه كان مؤمنا بقدرته على إقناعه مع مرور الأيام. في هذا تقول أوربا بريس: «الملك اعترف لمحاوره بأن التنازل عن مليلية للمغرب سيثير استياء الجيش، وأن هذا الأخير سيحتج»، لكن الملك كان يرى أن حالة الاستياء «ستدوم شهرين فقط»، علاوة على أن الملك كان يعتقد أنه «قادر على مراقبة الوضع»، رغم التنازل عن مليلية، وأن بعض الأسباب التي جعلت خوان كارلوس يفكر في التنازل عن مليلية -تقول البرقية الأمريكية- «أنه في غياب أي حل، يتخوف الملك من إمكانية قيام المغرب بمسيرة خضراء أخرى يمكن أن تتسبب في مشاكل جدية». تفاصيل أخرى من كتاب «ملك الديمقراطية» توضح أن خوان كارلوس كانت لديه «شبكة» دبلوماسية سرية مع ملك المغرب، وباقي الدول العربية، مبينة أنه كان سفير إسبانيا الأول في هذه البلدان. مصادر إسبانية كشفت أن دار النشر «غالكسيا غوتينبيرغ» لم تمنح القصر الإسباني الكتاب للاطلاع عليه قبل نشره، وأنها اكتفت بإرسال نسخة إليه بعد تقديمه للرأي العام، ما لم يسمح بإزالة بعض الفقرات التي قد تحرج القصر. بيرنابي لوبيث غارسيا، الباحث الإسباني المتخصص في الشأن المغربي، أكد للجريدة أن من الصعب الآن التعليق على الكتاب دون الاطلاع عليه وعلى المصادر التي اعتمدها، قبل أن يؤكد أن الباحث شارلز بويل، الذي أورد المعلومة، يحظى بمصداقية عالية، وأنه متأكد مما يقوله. في سياق متصل، هاجم التشكيلان الحزبيان بسبتة «تحالف كاباياس» و«الحركة من أجل الكرامة والمواطنة» الملك السابق خوان كارلوس، متهمين إياه باللعب بمصير ومستقبل سبتة ومليلية، كما طالبا القصر الإسباني بتكذيب أو تأكيد ما جاء في الكتاب الجديد، وأضافا: «غريب سلوك الملك الذي يبدو أنه يتصرف كملك العصور الوسطى، أكثر من التصرف كملك ديمقراطي مفترض»، مؤكدين أنه «لا يمكن اللعب بإسبانية» المدينتين، ورفضا «سلوك الملك». «الحركة من أجل الكرامة والمواطنة» قالت إنه إذا صحت تلك المعلومات، فإن حكومة سبتة ستتخذ الإجراءات اللازمة من أجل «سحب الشرف ممن يلعب بمستقبلنا كما لو أننا لعبة».