خوان كارلوس الذي يعتبر نفسه الشقيق الأكبر للملك محمد السادس والأصغر للرحال الحسن الثاني يوجد في قلب العاصفة من جديد بعد أن كشفت وثيقة سرية أمريكية أنه كان على استعداد لتسليم مدينة مليلية المحتلة للحسن الثاني بعد نجاح المسيرة الخضراء (1975)، إلى جانب سعيه لجعل مدينة سبتةالمحتلة منطقة دولية لا تخضع لسيادة أي من البلدين كما كانت عليه مدينة طنجة ما بين 1923 و1956. المعطيات الجديدة التي تضمنها كتاب تحت عنوان "ملك الديمقراطية" قدمته دار النشر "غالكسيا غوتينبيرغ" الإسبانية ، يوم أول الخميس في مدريد، يفيد أن الملك خوان كارلوس قبِل في 1979 بإمكانية التنازل عن مدينة مليلية المحتلة للمغرب، وإخضاع مدينة سبتة لنظام "الحماية الدولية" شبيه بذلك الذي خضعت له مدينة طنجة ما بين 1923 إلى حين استقلال المملكة سنة 1956. نوايا خوان كارلوس تلك عبر عنها خلال لقاء جمعه في 30 أبريل 1979 بقصر "ثارثويلا" بمدريد مع المستشار الامريكي، Ed Muskie، المبعوث الشخصي حينها للرئيس الأمريكي، جيم كارتر للقيام بجولة في أوربا من أجل مناقشة في سرية مع زعمائها أهم التحديات المشتركة التي كانت تواجه أمريكا وأوروبا حينئذ. هذا، يدل، كذلك، على أن إيجاد حل لقضية الثغور المحتلة والصحراء المغربية كان من بين أولويات الاهتمامات الامريكية، تجنا لأي مواجهة عسكرية بين المملكة العلوية والإيبيرية، وهما حليفان رئيسيان لها. على صعيد متصل، هاجم التشكيلان الحزبيان بسبتة "تحالف كاباياس" و"الحركة من أجل الكرامة والمواطنة" الملك خوان كارلوس، متهمين إياه باللعب بمصير ومستقبل سبتة ومليلية، كما طالبتا القصر الملك الإسباني بتكذيب أو تأكيد ما جاء في الكاتب الجديد. وأضافا:"غريب سلوك الملك الذي يبدو أنه يتصرف كملك العصور الوسطى أكثر منه كملك ديمقراطي مفترض"، زاعمين أنه "لا يمكن اللعب بإسبانية" المدينتين، ويرفضان "سلوك الملك". "الحركة من أجل الكرامة والمواطنة" قال إن إذا صحت تلك المعلومات فإن حكومة سبتة ستتخذ الإجراءات اللازمة من أجل "سحب الشرف ممن يلعب بمستقبلنا كما لو أننا لعبة". وكالة الانباء "أوروبا بريس" كشف، كذلك، انها اطلعت على النسخة الأصلية من البرقية السرية الأمريكية التي تتضمن خلاصة 90 دقيقة من اللقاء الذي جمع بين خوان كارلوس والمستشار الأمريكي والسفير الامريكي بإسبانيا، Terence Todman. هذه البرقية أرسلتها البعثة الدبلوماسية الأمريكيةبمدريد إلى الغدارة الأمريكية، والتي رفعت عنها السرية في 2014، قبل أن يعثر عليها شارلس بويل، الباحث ومدير المعهد الملكي الإسباني، ويدرج في كتاب "ملك الديمقراطية"، الذي شارك فيه 10 باحثين. البرقية الأصلية تكشف أن خوان كارلوس قال للمبعوث والسفير الأمريكيين أن "المسألة الكبيرة بين إسبانيا والمغرب تتجسد في الثغريين الإسبانيين"، في ما يقول محررو الوثيقة:"يعتبر خوان كارلوس أنه يمكن التنازل عن مليلية للمغرب في وقت قريب نسبيا، لأن تضم 10 ألف إسباني فقط". فيما يخص سبتة كان يرى خوان كارلوس أن وضعها معقد، لانه- حسب زعمه- يعيش فيها 60 ألف إسباني، مما يجعل من الصعب جعله تحت السيادة المغربية، لذلك اقترح أن "ربما أفضل حل" وضع نظام شبيه بذلك الذي كان يسود في طنجة الدولية، تخضع لتدبير مشترك بين المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوربي. غير ان خوان كارلوس (الذي قال عندما حل بالمملكة لتعزية محمد السادس بعد وفاة الحسن الثاني:"قلت للملك محمد السادس إنه كما كان الحسن الثاني شقيقي الأكبر، أنا الآن شقيقك الأكبر")، اعترف بأن الجيش سيرفض مقترحه، ولكن كان مؤمنا بقدرته على إقناعه مع مرور الأيام، في هذا تقول أوربا بريس:"الملك اعترف لمحاوره بأن التنازل عن مليلية للمغرب سيثير استياء الجيش، وأن هذا الأخير "سيحتج"، لكن الملك كان يرى أن حالة الاستياء "ستدوم شهرين فقط". علاوة على أن الملك كان يعتقد أنه "قادر على مراقبة الوضع"، رغم التنازل عن مليلية. وأن بعض الاسباب التي جعلت خوان كارلوس يفكر في التنازل عن مليلية تقول البرقية الأمريكية:"في ظل غياب أي حل، يتخوف الملك من إمكانية قيام (المغرب) بمسيرة خضراء أخرى يمكن أن تتسبب في مشاكل جدية". تفاصيل أخرى من كتاب "ملك الديمقراطية" توضح أن خوان كارلوس كانت لديه "شبكة" دبلوماسية سرية مع ملك المغرب، وباقي الدول العربية، مبينة أنه كان سفير إسبانيا الأول في هذه البلدان. مصادر إسبانية كشفت أن دار النشر ""غالكسيا غوتينبيرغ"" لم تمنح القصر الإسباني الكتاب للاطلاع عليه قبل نشره وانها اكتفت بإرسال نسخة إليه بعد تقديمه للرأي العام، مما لم يسمح بإزالة بعض الفقرات التي قد تحرج القصر. بيرنابي لوبيث غارسيا، الباحث المغربي المتخصص في الشأن المغربي، أكد للجريدة أنه من الصعب الآن التعليق على الكتاب دون الإطلاع عليه وعلى المصادر التي اعتمدها، قبل أن يؤكد أن الباحث شارلز بويل الذي أورد المعلومة يحظى بمصداقية عالية، وأنه متأكد مما يقول.