أثار أول خروج إعلامي لسعد الدين العثماني، بصفته رئيسا للحكومة ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، ذهب أغلبها إلى المقارنة بين العثماني، وسلفه عبد الإله بنكيران، الذي شكل لمدة خمس سنوات قضاها على رأس الحكومة ظاهرة تواصلية فريدة، جعلت طيفه حاضرا بقوة في "بلاطو" قناة ميدي 1 تيفي التي استضافت العثماني في أول خروج له. ويرى عدد من المتتبعين، والإعلاميين أن رئيس الحكومة الجديد، سيكون في مواجهة تحدي كبير، اسمه تجاوز أسلوب بنكيران، الذي اعتاده الناس. عبد الرحيم الشلفوات، الباحث في الإشهار والتواصل السياسي، وعضو المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، اعتبر في تصريح لموقع "اليوم 24″ أن بنكيران نموذج قد لا يتكرر في التواصل السياسي المغربي، فهو تفوق حتى على المؤسسة الرسمية بكل هيلمانها وطاقاتها وإمكانياتها". وأضاف "البرامج التي كان يشارك فيها بنكيران تحقق نسب مشاهدتها أرقاما قياسية، و خلال الحملة الانتخابية كان يجمع عشرات الآلاف في ليلة واحدة في أكثر من مدينة، وهذا بسبب مدفعيته التواصلية الثقيلة، وتخصيص خرجاته للتواصل العام، أي إرسال رسائل للمواطنين وللدولة وللشركاء وللمناوئين، أما التواصل الداخلي فكانت له مواطنه الخاصة" ويرى الباحث أن حالة العثماني مختلفة في تفاصيل السياق، وهو ما يحكم أن حديثه حمل رسائل توجيه وطمأنة إلى داخل الحزب أكثر من غيره، وهنا اختلف مع خط القناة التي بدا واضحا سعيها لاعتبار بنكيران قوسا تم إغلاقه، بينما كان العثماني حذرا في هذه النقطة وظل يؤكد على بعض نقاط الاستمرارية"، وتابع الشلفوات أنه "بدا واضحا أن العثماني أراد الاختلاف في حدة اللغة وفي هدوء الحديث وفي الاستماع أكثر من الاستحواذ على الكلمة وفي التركيز على الملفات الاجتماعية عوض إطلاق الإشارات السياسية المشفرة كما كان يفعل بنكيران"، مضيفا أن بنكيران كان متخففا من كثير من المعيقات التي جعلت العثماني لا يتحدث بنفس الطلاقة التي تحدث بها خلال جلسة المؤتمر الوطني الاستثنائي مثلا". وسجل الباحث أن "بنكيران كان يحمل هم تغيير الصورة النمطية الخشبية الباردة التي عرفت بها الوجوه السياسية المغربية في الإعلام، وكجزء من ذلك غير كثير من بروطوكولات الإعلام مثل اتخاذ بلاطو رسمي، بل كان يقترب من المحاور، وهو ما يبعث رسالة نفسية على القرب من المواطن ومن المتلقي"، مبرزا أن هذا التخفيف الحاد من وطئة البروطوكول أزعجت الكثيرين ممن حاولوا تقليده دون جدوى". ويرى الشلفوات أن "العثماني اليوم يحمل هم إعادة التوازن إلى صورة السياسي في الإعلام، لذلك التزم بالبلاطو الرسمي وكان يزاوج بين الدارجة والفصحى ولم يستعمل نكتا أو كلاما يقترب به بشكل مباشر من عموم المتلقين". من جهتها، اعتبرت الصحفية، والإذاعية صباح بنداوود في تصريح ل"اليوم 24″ أن التواصل السياسي يتطلب مسألة أساسية وهي الاشتغال عليه منذ البدء، وهو ما بدا غائبا في لقاء العثماني، الذي بدا غير مقنع، مشيرة إلى أنه تسرع في الخروج، خاصة أن الظروف المحيطة بهذا الخروج لم تكن مساعدة. وترى بنداوود أن بنكيران كان يستغل إمكانياته ومؤهلاته الذاتية للتواصل والتأثير في المتلقي، رغم بعض السلبيات التي كانت تحيط بخرجاته، مضيفة أن العثماني قد يتطور أكثر على مستوى التواصل شريطة الاستعانة بخبراء ومستشارين في التواصل. وأضافت المتحدثة أن "المقارنة بين بنكيران والعثماني فيها ظلم لهما، فلكل واحد منهما أسلوبه، وسياقه". أما الإعلامي أنس عياش، فاعتبر في تصريح ل"اليوم 24″ أنه لا يمكن لمن شاهد حوار مدي 1 مع العثماني ألا يجري مقارنة لأول وهلة بين العثماني وسلفه بنكيران، بدءا بالصورة التي يظهر بها العثماني في بلاتو متواضع، في جلسة تعكس شخصية غير واثقة إن لم نقل مهزوزة، يفتقر صاحبها لأي حضور أو كاريزما كما هو الشأن بالنسبة لبنكيران". أما على مستوى المضمون، فيرى عياش أن أجوبة العثماني باهتة ومهلهلة، تعكس عدم إلمامه بالعديد من القضايا، وغيابا لرؤية واضحة في ملفات مختلفة، وضعفا في الخلفية القانونية، كما هو الشأن بالنسبة لتعديل قانون التقاعد. وأشار عياش أنه "في المقابل كانت حوارات بنكيران مقنعة إلى حد كبير، رغم أنه كان يصرح علنا بأن القرار في مجالات عدة بيد الملك، إلا أن خطابه كان يعكس قدرة على الفعل فيما هو من صلاحياته، بفضل قدرته على المناورة السياسية، بحيث كان يترك انطباعا لدى المتلقي بأنه القائد".