احتجاجات الريف في اتساع مستمر، بل إن وتيرتها زادت، حيث شرع نشطاء الحراك في تنفيذ احتجاجات شبه يومية في شكل وقفات بمختلف أحياء مدينة الحسيمة والنواحي. أول أمس، نظم النشطاء احتجاجات بحي تغانيمين، الذي يقع بالقرب من مدخل المدينة، وأيضا بجماعة أجدير القريبة من مركز الحسيمة، وقبلها في أحياء سيدي عابد ومرموشة وافزار، وغيرها من الأحياء التي سبق للوالي محمد اليعقوبي أن زارها، وذلك للاطلاع على حاجيات السكان ومعرفة المشاكل التي يتخبطون فيها. ولم يقف الأمر عند رفع وتيرة الاحتجاجات بالحسيمة، بل إن المحتجين خلال هذه الأيام يؤدون في كل الميادين التي يحتجون فيها "القسم"، على الاستمرار في الاحتجاجات إلى حين تحقيق ملفهم المطلبي، وعلى التأكيد على عدم خيانة هذا الحَراك. تطورات يبدو أنها عجلت بانتقال الداخلية إلى الخطوة الموالية لتطويق هذه الاحتجاجات، حيث اجتمع والي الجهة محمد اليعقوبي، والوالي المفتش العام للداخلية المعين، العامل المؤقت على الحسيمة، محمد فوزي، يوم الأحد المنصرم برؤساء الجماعات بالإقليم، وبعد ساعات أفضى اللقاء إلى توقيع الرؤساء المعنيين لبلاغ لم يصدر إلى الآن، يتضمن، وفق مصدر متابع للملف، موقفا ضد الاحتجاجات التي تعرفها المنطقة. وفي الوقت الذي قالت فيه بعض المصادر، بأن البلاغ يتضمن موقفا رافضا لهذه الاحتجاجات، قال المكي الحنودي، رئيس جماعة لوطا، أحد الرؤساء الذين حضروا هذا الاجتماع، بأنه اعترض على الصيغة الأولى للبلاغ، وسانده في ذلك عدد من زملائه. "الصيغة الأولى تضمنت أن الحراك الشعبي بصفة عامة، يسئ لسكان الحسيمة، وأجواء انطلاق المشاريع. اعترضت على هذه الصيغة، يقول الحنودي، وتابعت لا يمكن إقرار صيغة الجمع"، قبل أن يضيف: "في الحراك أشخاص لديهم مطالب اقتصادية واجتماعية ويتظاهرون بشكل سلمي، ونحن لا يمكن أن نندد بما يطالبون به، لأننا نتقاسم معهم المطالب نفسها، ونتبناها". لكن في المقابل، أكد الحنودي بأنه قال: "نحن لا نتفق مع الذين لديهم نوايا انفصالية ويتجاوزون سقف المطالب الاقتصادية والاجتماعية". وأكد المصدر نفسه بأن هذا الاعتراض أفضى في النهاية إلى تغيير صيغة البلاغ، وأصبحت كالتالي: "نتبنى نحن رؤساء الجماعات المطالب الاقتصادية والاجتماعية، ونندد ببعض الأصوات أو النوايا التي تتجاوز هذا السقف"، يقول الحنودي، قبل أن يضيف بأن هذا الموقف المعبر عنه "منسجم مع مواقفنا السابقة". هذا، ويرى العديد من المتابعين لملف الاحتجاجات بالريف، أن هذا الموقف، هو بداية لمقاربة ستقدم عليها الدولة في مواجهتها للاحتجاجات، قد تصل إلى استخدام القوة، غير أن مصدرا آخر حضر الاجتماع، نفى أن يكون الوالي اليعقوبي قد أشار إلى هذا الأمر "تصريحا أو تلميحا"، مبرزا بأنه أكد على استعداد الدولة للتعامل مع الهيئات المنتخبة لتنفيذ المشاريع بصفتها الجهة المخاطبة الرسمية. وفي السياق نفسه، ظهرت في خضم هذه التطورات الحاصلة، تنسيقية جديدة، لفعاليات المجتمع المدني، أثارت في بيانها الأول الذي جاء ردا على الاحتجاجات التي تعرفها المنطقة انتباه الجميع إلى ما سمته "الآثار السلبية لجو الاحتقان المفتعل والمتواصل بالحسيمة"، على الأنشطة الاقتصادية والتجارية والمهنية التي تعاني من كساد واضح جراء نقص الإقبال على هذه المدينة ونواحيها، ما نتج عنه وفق المصدر ذاته "تفاقم الديون وتدهور أوضاع مختلف الفاعلين الاقتصاديين بالإقليم، وأثر سلبا على المستوى المعاشي اليومي للساكنة". وأضافت التنسيقية في بيانها، الذي توصل "اليوم 24" بنسخة منه، أن استمرار هذا النهج الذي سمته ب"العدمي غير المتزن وغير المحسبوب العواقب"، ليهدد وفق المصدر نفسه بدون شك "بإفلاس جميع المرافق الحيوية للساكنة بدون استثناء". ودرءا لهذه "الانزلاقات" ورفعا لكل لبس، "نعلن عن تشبثنا بميزة الحوار البناء والمسؤول والمتزن من داخل المؤسسات، في إطار مقاربة تشاركية شاملة لتقوية المكتسبات وتصحيح الاختلالات، خدمة لمصالح الساكنة التي تصبو إلى الأمن والاستقرار والعيش الكريم، الذي يعم كافة مناطق الوطن الحبيب"، يضيف البيان.