استقبل الحزب الاشتراكي الموحد، محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني، بحزمة اختلالات هيكلية وبنيوية تعاني منها المدرسة العمومية، بعمالة طنجةأصيلة، تتعلق بابتعاد التلميذ المغربي عن المعايير الدنيا لتعليم جيد، وتدهور مستوى الجودة لأدنى مستوياتها، مما يجعل تطور نسبة النجاح بالمستويات الإشهادية، في انخفاض متزايد خلال السنوات الأخيرة، مع ارتفاع ملحوظ في نسب الهدر المدرسي، وصلت إلى 15 بالمائة في المستويات الثلاثة. وكشف تقرير حول حالة التعليم بالمديرية الإقليمية بعمالة طنجةأصيلة، أعده رفاق نبيلة منيب، وقدموا خلاصاته الأساسية في ندوة صحافية، مساء أول أمس الخميس، أن أولوية التدخل ينبغي أن تستهدف تحسين البنيات التحتية للمؤسسات التعليمية، وزيادة الموارد البشرية الإدارية، والأطر التربوية، والتقليص من الاكتظاظ في الأقسام، وضعف العرض المدرسي. وسجل القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، والكونفدرالية الدموقراطية للشغل، جمال العسري، أثناء تقديمه لخلاصات التقرير، أن تنزيل برنامج "طنجة الكبرى اهتم بالحجر أكثر من البشر، بحيث ظل التعليم خارج دائرة اهتمام المسؤول الأول عن المجال الترابي على الصعيد الإقليمي، ذلك أن الاهتمام الذي يبديه الوالي في تتبعه لتنفيذ مشاريع تهيئة البنيات التحتية، وتعبيد الشوارع والطرقات، يقابله إهمال في متابعة أشغال بناء المؤسسات التعليمية. وأضاف العسري في مداخلته، أن مجموعة من المدارس كان يجب أن تدخل حيز الخدمة، ابتداءا من الدخول المدرسي الماضي، غير أنها لم تفتح بعد أبوابها في وجه التلاميذ، نظرا لبطئ إنجاز الأشغال والتأخر في تسليم بناياتها، للمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، كما هو الحال بالنسبة لمدرسة المتنبي، والكندي، وإعدادية المفرب العربي، والثانوية الرياضية. وفجر المتحدث فضيحة ثقيلة في تقييمه للحلول التي قامت بها المديرية الإقليمية، عندما قال بأن بعض الحبول كانت كارثية، مثل تسليم حجرات دراسية عبارة عن "حاويات تصدير البضائع"، بالمدرسة الابتدائية الحرارين، بمجموع ستة وحدات، (أقسام)، وتحويل أجزاء من المؤسسات تعليمية إلى مرافق عمومية، حيث تم بناء أسواق القرب وملاعب في ساحات بعض المدارس. وبخصوص العرض المدرسي، سجل التقرير عدم تناسب تطور عدد المؤسسات التعليمية، مع زيادة عدد الساكنة، مما تسبب في ارتفاع نسب الآقسام المكتظة، التي يتجاوز عدد المتعلمين بها 45 تلميذا، إلى 47 بالمائة في المستوى الابتدائي، و 72 بالمائة في المستوى الإعدادي، وهو ما انعكس سلبا على تطور نسبة النجاح التي عرفت تدهورا ما بين موسم 2012 و 2016، في حين ارتفع الهدر المدرسي إلى 15 بالمائة في المستويات الثلاثة. إضافة إلى ذلك، لجأت المديرية الإقليمية لقرارات خطيرة لحل الخصاص في الأطر التربوية، من قبيل تقليص عدد الساعات في مجموعة من المواد الأساسية، كالرياضيات والفرنسية والإنجليزية، وحذف مواد أخرى ثانوية، والعمل بمدأ الأستاذ المتنقل من أجل استكمال لحصص الأسبوعية. من ناحية أخرى، حذر التقرير الذي تم إعداده على ضوء توصيات مذكرة المجلس الأعلى للتربية والتكوين، من مخاطر الانقطاع عن الدراسة، منبها إلى التكلفة الاجتماعية الباهضة للتلاميذ الملتحقين بالشارع، والذين يقدر عددهم بنحو 300 ألف تلميذ سنويا، حسب الإحصاءات الرسمية لوزارة التربية الوطنية، وهو ما يؤدي إلى اختلالات وتوترات اجتماعية، حسب نفس الوثيقة. في السياق ذاته، انتقد تقرير الحزب الاشتراكي الموحد تعامل الدولة مع ملف التعليم، تحت ضغط الهاجس الأمني والمالي، بسبب اعتباره قطاعا مستهلكا وغيرمنتج، داعيا إلى إصلاح المنظومة التربوية عبر استراتيجية، تقوم على مرتكزات مبدأ المجانية، وتطوير بنيات الوظام التربوي وآليات اشتغاله، وإصلاح البرامج والمناهج، وبلورة سياسة تعليمية واضحة بالنسبة للغة التدريس، وتحسين فضاء المدرسة، وتحفيز الموارد البشرية، وتكريس الحكامة، وتبني البعد الجهوي.