بعد أن استأنفت النيابة العامة الأحكام الابتدائية، من المقرر أن تشرع غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش، خلال الأيام القليلة القادمة، في مناقشة ملف يتابع فيه 24 شخصا بتهم تتعلق ب "اختلاس أموال عمومية موضوعة تحت يد موظف عمومي بمقتضى وظيفته، وتزوير أوراق رسمية، وإخفاء وثائق من شأنها تسهيل البحث في جنايات، والغدر"، الذين يوجد على رأسهم حميد الشهواني، النائب الرابع لعمدة مراكش السابقة، المنتمية إلى حزب الأصالة والمعاصرة، والذي كان مفوضا إليه تدبير سوق الجملة للخضر والفواكه والجبايات وتنمية الموارد المالية، والذي سبق لغرفة الجنايات الابتدائية بالمحكمة نفسها أن أدانته، بتاريخ 23 دجنبر المنصرم، إلى جانب 14 موظفا جماعيا، بسنة سجنا نافذا لكل منهم، فيما قضت ببراءة أربعة وكلاء مداخيل، وسبعة مستخدمين لديهم. وكان الملف تفجر بتاريخ السابع من شهر مارس من سنة 2013، حين ضبط "يوسف أولاد بنيزة"، الموظف السابق بالسوق، بعض الموظفين المكلفين بالإشراف على عملية تسجيل وزن حمولات الشاحنات والتصريح بأصناف السلع، وقد سمحوا لثلاث شاحنات محملة بالبطاطس وبثمار الخرشوف بدخول السوق دون تسجيل وزن حمولتها، مع الاحتفاظ بالوصولات المعدة لذلك فارغة ودون إشارة للوزن ونوعية السلع، قبل أن تدخل جمعية التضامن لتجار سوق الجملة على الخط، ويتقدم رئيسها، الذي يشغل في نفس الوقت عضوية المجلس الجماعي، بشكاية أمام الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، كاشفا فيها عن وثائق تثبت ما اعتبره "تبديدا واختلاسا للمال العام يشهده السوق"، ومتحدثا عن تبديد حوالي ملياري سنتيم سنويا بسبب ما وصفه ب "حالة التسيب وعدم إعمال القانون"، مرجعا ذلك بشكل رئيس إلى "تواطؤ بعض الوكلاء والموظفين"، وإلى ما وصفه ب"الاختلالات التي يرتكبها النائب السابق للعمدة المفوض له تدبير السوق"، قبل أن يتبدد كل الخلاف بين المشتكي والمشتكى به ويدخلا معا في اللائحة نفسها، خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة، بمقاطعة "مراكشالمدينة"، وراء العمدة السابقة فاطمة الزهراء المنصوري. وبعد إحالة الملف من طرف الوكيل العام للملك على الشرطة القضائية، والتي أجرت تحرياتها بخصوص وقائع الشكاية، تمّ حجز وثائق عبارة عن فواتير لا تتضمن البيانات الأساسية الواجب توفرها، كما ثبت خلال مرحلة البحث التمهيدي وجود تزوير في الكشوفات الأساسية للفواتير، بالتشطيب على الوزن الحقيقي، فضلا عن عدم تسليم أصحاب الشاحنات ما يفيد أداءهم للواجبات الجبائية، والاحتفاظ بالبطائق الرمادية لهذه الشاحنات، دون تعبئة الكشوفات الأساسية للفواتير الخاصة بها. الفضيحة المالية سبقها تقرير أعده رئيس المصلحة الجبائية بالمرفق نفسه، "عماد القيدومي"، وضعه رهن إشارة العمدة المنصوري، لفت فيه إلى ما اعتبره "اختلالات مالية"، قبل أن يجد نفسه عرضة للمضايقات، معفيا من منصبه ومعينا بدون مهمة بإحدى المصالح البلدية، وكان قاب قوسين من الطرد من وظيفته بذريعة تقصيره في أداء مهامه، في وقت لم يتم بعد تنفيذ قرار ترسيمه الصادر عن وزارة الداخلية. أما الموظف البسيط الذي قام بالتبليغ عن الاختلاسات، فقد وجد نفسه مفصولا عن عمله وتوقفت أجرته لمدة أربعة أشهر، وهو ما كان موضوع تنديد من قبل الهيئة الوطنية لحماية المال العام التي وجهت رسالة إلى الوكيل العام وعمدة مراكش، طالبت فيها بحماية المبلغين على جرائم الفساد، كما طرحت الموضوع مع وزير العدل والحريّات خلال لقائها به